سورة النور [٢٤: ٣٤]
{وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ}:
{وَلَقَدْ}: الواو استئنافية، لقد: اللام للتوكيد، قد للتحقيق.
{أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ}: آيات القرآن (آيات الأحكام والحدود)، والآيات بشكل عام تشمل الآيات الكونية والمعجزات. إليكم: خاصة.
{مُّبَيِّنَاتٍ}: ولم يقل: آيات بينات؛ أي: واضحات، ظاهرات، ومبينات: تحتاج إلى توضيح وتفسير مثل آيات الحدود والأحكام، أو تعني: مبينات الأحكام والحدود الّتي تنظم حياتكم.
أي: تحتاج إلى توضيح وتفسير يقوم به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو أولو العلم والفقه في الدّين، أو علماء الفلك والفيزياء مثل قوله تعالى: {بَحْرٍ لُّجِّىٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ} [النور: ٤٠]. وكقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِى مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا} [الفرقان: ٥٣]، وغيرها من الآيات.
{وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ}: أي أنزلنا إليكم آيات مبينات.
وأنزلنا إليكم ـ مثلاً ـ من الّذين خلوا من قبلكم، والمثل: هو تشبيه حال بحال مراد به توضيح أمر غامض؛ أي: مشبهاً من حال الّذين مضوا من قبلكم بحالكم مثلاً شبهاً بحادثة الإفك ما حدث ليوسف عليه السلام وامرأة العزيز وما حدث لمريم عليها السلام حين قالوا: {يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} [مريم: ٢٨].
{وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ} تذكرة، ونصيحة وتحذيراً للمتقين، والموعظة: ما يوعظ به من قول أو فعل يُرشد إلى الخير، أو النّصح بالطّاعة بأسلوب التّرغيب والتّرهيب والعمل الصّالح والتّذكرة بالثّواب والعقاب، والتّحذير وللنهي من الغفلة والجهل.
{لِّلْمُتَّقِينَ}: اللام لام الاختصاص، المتقين: الّذي يطيعون أوامر الله ولا يعصونه ويتجنبون نواهيه.
أي: خاصة بالمتقين دون غيرهم فهم المنتفعون بها. وربما ينتفع بها غيرهم بشكل عام.
ولنقارن هذه الآية: {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ} و قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} [البقرة: ٩٩].
الآيات البينات الواضحات لا تحتاج إلى بيان وتوضيح، بينما المبينات تحتاج.