للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة آل عمران [٣: ٤٧]

{قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِى وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}:

{قَالَتْ}: مريم {رَبِّ}: حذفت ياء النداء؛ لكونها تعلم أن الله قريب بعلمه منها، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد.

{أَنَّى يَكُونُ لِى وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ}: أنى: من أين وكيف، وللاستفهام والتعجب من أن يكون لها ولد.

{وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ}: لم: حرف نفي، يمسسني: أي: لم يقربني زوج، والمس هو الجماع.

{بَشَرٌ}: سمي الإنسان بشراً؛ لظهورهم بعكس الجن، ومشتقة من البشرة ظاهر جلد الإنسان. ارجع إلى الآية (٧٩) من نفس السورة؛ للبيان.

{قَالَ كَذَلِكِ}: تأكيداً لما قالته عن إنجاب عيسى دون أن يمسسها بشر، كذلك هو الأمر، أو كما قلت.

{اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}: ولم يقل: يفعل الله ما يشاء، كما في سياق زكريا، ويحيى. ارجع إلى الآية (٤٠) من نفس السورة؛ أي: الحق سبحانه قادر على أن يخلق ما يشاء، والخلق أصعب من الفعل؛ الفعل أيسر من الخلق، وهذا في ميزان البشر، أما بالنسبة لله سبحانه ليس في ميزانه صعب وسهل، فالكل سهل لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

ـ من تراب.

ـ أو من ذكر وأنثى.

ـ أو من أنثى بدون ذكر.

ـ أو من ذكر بدون أنثى.

{إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}: ارجع إلى الآية (٣٦) من سورة مريم؛ للبيان.

ومن الجدير بالذكر: أن الملائكة لم تخبرها أنها ستلد ولداً بأب، أو غير أب، ويبدو أنها هي بذكائها استخلصت ذلك من تبشير الملائكة لها، وقيل: إن الذي خاطبها هو جبريل -عليه السلام- .

ولنقارن هذه الآية (٤٧) مع الآية (٢٠) من سورة مريم:

{قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا}: ففي الآية (٤٧) قالت: ولد، وفي الآية (٢٠ من سورة مريم) قالت: غلام، والغلام يطلق على الذكر، وأما بالنسبة للعمر اختلف فيه؛ قيل: على الغالب المرحلة قبل سن البلوغ، وقد سميت إلى سن البلوغ.

فما هو الفرق بين الآيتين، آية آل عمران، قيل: جاءت في سياق البشارة، وقبل الحمل بزمن غير معلوم، فهي لا تعلم هل هو ذكر أم أنثى، فقالت ولد، والولد يحتمل أن يكون ذكراً أو أنثى.

أما في سورة مريم جاءت في سياق بدء الحمل جاءها جبريل ليخبرها أن الحمل سيبدأ، وقال لها جبريل: {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا}: عندها أجابت بنفس الكلمة {أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ}، غلام يعني: ولد.