للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الأنعام [٦: ٨٣]

{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}:

{وَتِلْكَ}: الواو: استئنافية، تلك: اسم إشارة، يشير إلى الحُجَّة التي احتج بها إبراهيم -عليه السلام- ، على وحدانية الله، من غياب القمر والشمس.

{حُجَّتُنَا}: الحُجَّة هي البرهان والدليل على ثبات أحد النقيضين أو الخصمين, وهنا تعني: الحُجة الدالة: على التوحيد، {آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ}: أيْ: علمناها إبراهيم، فغلب بها قومه.

{نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ}: بالهداية، والإرشاد، والعلم، والحكمة، والفهم، والمعرفة، وبالاصطفاء للرسالة.

{إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ}: قدَّم الحكمة على العلم، {حَكِيمٌ}: صيغة مبالغة من الحكمة، كثير الحكمة؛ فهو أحكم الحاكمين، وواهب الحكمة لمن يشاء من عباده. ارجع إلى الآية (١٢٩) من سورة البقرة؛ لمزيد من البيان.

{عَلِيمٌ}: صيغة مبالغة في العلم، أحاط علمُه بكل شيء، بما يقوله خلقه، أو يفعلونه، وما قاله إبراهيم لقومه.

عليم بما يجري في كونه؛ من تغيرات، وأحداث، و {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِى السَّمَاوَاتِ وَلَا فِى الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ} [سبأ: ٣].

ولنقارن هذه الآية، بآية أخرى في سورة يوسف، رقم (٦): {إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.

قدَّم العلم على الحكمة؛ لأن آية يوسف جاءت في سياقه تعلم الأحاديث، {وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ}، فالعلم يحتاج إليه أولاً، والحكمة ثانياً، ولذلك قدَّم العلم على الحكمة.

أما آية سورة الأنعام (٨٣): فقد جاءت في سياق الحُجَّة والسلطان {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ}.

وإقامة الحُجَّة تحتاج إلى حكمة أولاً، وعلم ثانياً، ولذلك قدَّم حكيم على عليم؛ أيْ: حسب السياق.