المناسبة: بعد ذكر الآيات الدّالة على عظمته وقدرته ووحدانيته، وعلى قدرته على البعث والإحياء، يذكر أمراً آخر وهو: إرسال الرّسل والأنبياء وما حدث لمن كذبهم.
{أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا}: أرسلنا، ولم يقل بعثنا، لمعرفة المعنى والفرق بينهما ارجع إلى الآية (١١٩) من سورة البقرة.
{مِنْ قَبْلِكَ}: تعني منذ زمن غير بعيد، والخطاب موجَّهٌ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
{رُسُلًا}: الرّسل هنا تعني: الأنبياء والرّسل فالكل رسل من الله، وإن كان هناك فرق بين الرسول والنبي. ارجع إلى سورة النساء آية (١٦٤) للبيان.
{إِلَى قَوْمِهِمْ}: كل رسول أرسل إلى قومه؛ لكونه يعرفهم ويعرفونه وليس غريباً عنهم.
{فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}: الفاء: تدل على المباشرة، بالبينات؛ أي: الأدلة والبراهين الدّالة على صدق الأنبياء وصدق نبوتهم ودعواهم إلى الإيمان والتوحيد. الباء في (بالبينات) تدل على الإلصاق والاستمرار.
{فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا}: حذف ما حدث بعد المجيء بالبينات ولم يقل فكذبوهم وأعرضوا، ولم يؤمنوا وتمادوا بعد ذلك بالتحدي والإنكار والضلال، وانتقل إلى:(فانتقمنا منهم) بصيغة الجمع والتعظيم؛ للدلالة على شدة الانتقام؛ أي: أهلكناهم جميعاً.
{مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا}: أي من الّذين كفروا وأشركوا وعصوا وقتلوا أنبياءهم وحاربوا دينهم. ارجع إلى سورة الأنعام آية (٥٥) لبيان معنى أجرموا.
{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}: وكان: كان تشمل كل الأزمنة، حقاً: من الحق وهو: الأمر الثابت الّذي لا يتغير ولا يتبدل؛ أي: وعداً علينا نصر المؤمنين على الكافرين بإهلاك الكافرين وتدميرهم، وإنقاذ المؤمنين من شرهم وأذاهم.