سورة المائدة [٥: ١]
[سورة المائدة]
ترتيبها في القرآن السورة (٥)، وترتيبها في النزول السورة (١١٣).
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّى الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ}:
{يَاأَيُّهَا}: أداة نداء إلى الذين آمنوا بتكليف جديد: هو الإيفاء بالعقود، والهاء في (أيُّها): للتنبيه.
{أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}: العقد: ما يتعاقد عليه اثنان؛ أيْ: دائماً يكون بين طرفين، والعقد: هو الربط، وعلى كل طرف أن يلتزم بما عليه.
وقد يكون العقد بين العبد وربه، أو بين العبد وعبد آخر، أو بين العبد ونفسه، ويسمَّى ذلك: بالنذر.
والعقود لها أنواع كثيرة، مثل: عقود البيع، والشراء، والنكاح، والشراكة، ثُمَّ بيَّن الله -جل وعلا- بعض ما أحله، وبعض ما حرَّمه.
{أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ}: أيْ: أحلّ لكم أكل لحم بهيمة الأنعام بعد الذبح.
{الْأَنْعَامِ}: هي ثمانية أزواج: من البقر اثنان، ومن الغنم اثنان، ومن المعز اثنان، ومن الإبل اثنان.
أما بهيمة الأنعام: تشمل الأنعام وكل ما يماثل الأنعام، مثل الغزلان، والضباء، وبقر الوحشي، وكل حيوان مجتر. قيل: من بهيمة الأنعام.
وبهيمة الأنعام أعمّ، والأنعام أخصّ!، وسمِّيت بهيمة الأنعام؛ لأنّ أسرارها، وأمورها لا زالت مجهولة، ويصعب إدارتها، أو لا نعرف الكثير عنها.
ولم تسمى بهيمة؛ لأنها لا تفهم؛ كما كان يعتقد الأقدمون.
{إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ}: إلا: أداة استثناء.
{إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ}: في القرآن، أو في السنة النبوية، مثل: الميتة، وكل ذي ناب، مثل: السباع، والكلاب، وكل ذي مخلب من الطير.
{غَيْرَ مُحِلِّى الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ}: أيْ: وحُرمَ عليكم الصيد، وأنتم حرم؛ أيْ: في زمن الإحرام، وفي الحرم.
{إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ}: إن للتوكيد، يحكم ما يريد.
الإرادة: هي العزم على القيام بأمر ما أو تركه، ولم يقل: إن الله يحكم ما يشاء؛ لأن الإرادة: تكون بعد المشيئة؛ أي: المشيئة تسبق الإرادة، والمشيئة. قيل: هي ابتداء العزم على الفعل، ومتى حصلت الإرادة صدر الفعل لا محالة، والإرادة من الله، كذلك تعني: أنه -جل وعلا- يقع منه الفعل، أو الحكم، حسب ما يُريد (على وجه دون وجه).