{أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ}: أبوابها ومنافذها وطرقها. ارجع إلى الآية السابقة (٣٦) من نفس السورة.
{فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى}: أي انظر إلى إله موسى، ويعني النّظر الموصل إلى الحقيقة والغاية.
{وَإِنِّى لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا}: أكد فرعون بأنّ موسى كاذبٌ (بإنَّ وبالياء) في (إني) واللام في لأظنه كاذباً في زعمه أن له إلهاً غيري فوق السّموات؛ أي: لعلي أصعد في الصّرح فأصل إلى أبواب السّموات ومنافذها، وأسير في طرقها من طريق إلى طريق حتّى أصل في النّهاية فأجد إله موسى، يريد بذلك أن يوهم قومه أنّه قادر على ذلك وأنّ ما يزعمه موسى هو شيء باطل, وإذا قارنا هذه الآية مع الآية (٣٨) وهي قوله تعالى: {وَإِنِّى لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ} فإذا جمعنا بين الآيتين أي: كاذباً من الكاذبين؛ كاذباً: هو الأصل.
وفي قوله:{لَّعَلِّى أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} فيها شيء من التّكرير فمن الممكن القول لعلي أبلغ أسباب السّموات وانتهى.
هذا ليس تكراراً وإنما يسمى الإيضاح بعد الإبهام؛ للتفخيم، فالوصول إلى أسباب السّموات ليس بالأمر الهين، بل أمر عظيم يزعم فرعون أنّه قادر على فعله؛ ليجعل السّامع يتعجب لقدرة فرعون على فعل ذلك.
{وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ}: وكذلك؛ أي: مثل ذلك التّزيين ظن أنّه سيبلغ السّموات ويطلع إلى إله موسى.
{زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ}: من الشّرك والتّكذيب، وزيّن مبني للمجهول والمزين هو الشّيطان بوسوسته كما قال الله تعالى:{وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ}[النّمل: ٢٤].
{وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ}: أي سبيل الهدى والرّشاد، وسبب ذلك كفره وشركه وظلمه، عن: تفيد المجاوزة والمباعدة، وصد عن السّبيل هو وقومه.
{وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِى تَبَابٍ}: ما النّافية، كيد فرعون: ارجع إلى الآية (٢٥) من السّورة نفسها.