سورة القصص [٢٨: ٨٢]
{وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}:
{وَأَصْبَحَ}: بمعنى صار ولا يقصد بها الزّمان.
{الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ}: أي: الّذين قالوا: يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون.
{بِالْأَمْسِ}: أيْ: منذ زمن قريب ولا تعني البارحة. وهذا يدل على أن الخسف لم يحدث في نفس الزّمن أو اليوم الّذي تمنى به الّذين تمنوا مكانه، فالخسف حدث بعد فترة زمنية.
{يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ}: ويكأن مركبة من كلمتين وي + كأن، وي: اسم فعل مضارع بمعنى أعجب، ولها معنى كيف، فالمعنى (عجباً كيف).
{وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ}: أيْ: عجباً كيف يبسط الله الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر أو تدل على الحسرة والنّدم على ما حدث منهم عندما تمنوا أن يكون لهم ما كان لقارون.
وبعد أن شاهدوا ما حدث لقارون من الخسف ندموا وعلموا أنّهم أخطؤوا. أيْ: عجبوا كيف بسط الله الرّزق لقارون بهذا الوسع، ثم خسف به وبداره الأرضَ.
{اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ}: (مثل قارون)، ويقدر؛ أي: يُضيق أو يقبض لو شاء عليه، ولكنه لم يفعل، ولكن خسف به الأرض، ولم يقل له؛ لأنه سبحانه لو شاء لفعل ذلك، ولكن خسف به الأرض؛ أي: عاقبه عقوبة أشد من التضيق، وحرمه من العيش ولو يوماً واحداً.
هذه الآية خاصة بقارون بسط الرّزق له، ثم أخذه أخذ عزيز مقتدر. ارجع إلى سورة سبأ آية (٣٦) و (٣٩) للمقارنة.
{لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا}: لولا شرطية، أن: حرف مصدري، يفيد التّعليل، من الله علينا: رحمنا ولم يعاقبنا ولم يصبنا مثل ما أصاب قارون، لخسف بنا: أي: الأرض كما خسف بقارون، والمن يكون في العطاء أو المنع وهو هنا بمنع وقوع الخسف بهم…
{وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}: أيْ: وليس عجباً، لا يفلح الكافرون: أمثال قارون أو ليس عجباً كيف لا يفوز الكافرون بالنّجاة من النّار ويدخلون الجنة.