سورة الأعراف [٧: ١٦]
{قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِى لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}:
{فَبِمَا}: الفاء: للترتيب، والتعقيب، والمباشرة، والباء: باء القسم؛ أيْ: أقسم بإغوائك إياي. وقيل: باء السببية.
{أَغْوَيْتَنِى}: الإغواء، وله معنيان: الإضلال، والإهلاك، وأصل الغي: الفساد، وغواه؛ أيْ: أضله، انتبه إلى قوله: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِى}: أيْ: نسب الإغواء لرب العالمين، والله -جل وعلا- يهدي، ولا يغوي أحداً من الإنس، أو الجن، وكلا الجن والإنس له القدرة على اختيار الطاعة، أو المعصية.
فالله سبحانه يريد ابتلاء إبليس بالسجود لآدم، واعتبر إبليس هذا الابتلاء إغواءً له.
وفشل إبليس في الابتلاء، والامتحان؛ لأنه رفض السجود؛ ممّا أدَّى إلى طرده من الجنة والرحمة، وفي آية أخرى: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِى}؛ هنا: يعترف بالربوبية لله -جل وعلا- .
{لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}: لأقعدن: اللام: لام التوكيد، والنون: لزيادة التوكيد.
{لَهُمْ}: أيْ: لعبادك المؤمنين.
{صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}: الصراط المستقيم: هو الإسلام، دِين الحق، ونسب إبليس الصراط إلى الله؛ فهو يعلم أنه الحق، والله سبحانه نسب الصراط إليه؛ فقال: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِى مُسْتَقِيمًا} [الأنعام: ١٥٣]، {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا} [الأنعام: ١٢٦].
وهو كما وصف في سورة الفاتحة: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، وهم: النبيون، والصديقون، والشهداء، والصالحون.
والصراط: هو السبيل الموصل إلى الغاية، وهي الجنة بأقصر، وأسهل، وأسرع السبل، المستقيم: الواضح الذي لا اعوجاج فيه.
{لَأَقْعُدَنَّ}: أيْ: لأجلسنَّ لهم، يجب أن نذكر أن هناك قياماً، وقعوداً، واضطجاعاً، وحركات عدَّة، لم يقل: لأقفنَّ؛ لأن الوقوف بعد فترة، يؤدِّي إلى تعب، أما القعود، أو الجلوس: فهو أفضل، ويمكن أن تجلس لوقت طويل، ومن دون تعب؛ فإبليس اختار أفضل الحركات، وهي القعود.
{صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}: هو الإسلام، ويعني ذلك: لأقعدنَّ لهم على طرق المساجد، وأبوابها، وأبواب الطاعات: من صلاة، وزكاة، وصيام.