سورة الرعد [١٣: ١٨]
{لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ}:
{لِلَّذِينَ}: اللام: لام الاختصاص، والاستحقاق؛ أي: كذلك يضرب الله الأمثال للمؤمنين الّذين استجابوا لربهم، وللكافرين الّذين لم يستجيبوا له.
{لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ}: الّذين: اسم موصول يفيد المدح، والتّعظيم، استجابوا لربهم بالطّاعة، والإيمان، وتجنب المعاصي.
{الْحُسْنَى}: الجنة؛ مؤنث: الأحسن إشارة إلى حسن الثواب، والحسنى: اسم من أسماء الجنة، أو صفة للجنة، وكقوله: {دَارُ السَّلَامِ} [الأنعام: ١٢٧].
{وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ}: الّذين: اسم موصول؛ يفيد الذم.
{لَمْ}: حرف نفي.
{يَسْتَجِيبُوا لَهُ}: لم يستجيبوا لدعوة الله، والإيمان، وهم الكفار، والمشركون.
{لَوْ أَنَّ لَهُمْ}: لو: شرطية.
{أَنَّ}: للتوكيد.
{لَهُمْ}: اللام: لام التّملك (الملكية)، والاختصاص.
{مَا فِى الْأَرْضِ}: ما: اسم موصول؛ بمعنى: الّذي في الأرض من مال، وكنوز، وخيرات.
{جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ}: جميعاً: للتوكيد، ومثله معه؛ أي: ضعف ذلك، ولا يوجد إنسان يملك ما في الأرض، ولا نصفها، أو ربعها.
{لَافْتَدَوْا بِهِ}: اللام: لام البدل، أو التّعليل؛ افتدوا به: لقدموه فداءً لأنفسهم من العذاب، ولو حدث ذلك ـ وهو من المستحيل ـ فلن يقبل منهم دلالة على بؤس حالهم في الآخرة، أو مصيرهم البائس. ولو قارنا هذه الآية مع الآية (٣٦) من سورة المائدة هي قوله تعالى: {لِيَفْتَدُوا بِهِ} لوجدنا: لافتدوا به (فعل ماض) ليفتدوا به (مضارع)؛ المهم هنا لو الشرطية؛ أي: آية الرعد جوابها: افتدوا به، ولو الشريطة في آية المائدة جوابها: ما تُقبل منهم؛ فيكون النسق على التالي: آية الرعد أولاً (لو افتدوا به)، ثانياً: آية المائدة (ما تقبل منهم)، وأما (ليفتدوا به) في آية المائدة هي للتعليل.
{أُولَئِكَ}: اسم إشارة، واللام: للبعد، تشير إلى سوء المنزلة، والمكانة، والمصير.
{لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ}: لهم: اللام: لام الاستحقاق، والاختصاص.
{سُوءُ الْحِسَابِ}: لا يغفر لهم، ولا تقبل لهم شفاعة، ولا فداء، ولا يتجاوز لهم عن سيئة، وما قدموه من عمل صالح يصبح هباء منبثاً.
{وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ}: الواو: عاطفة مقارنة بـ (ثم مأواهم)، ثم: التي تدل على التراخي في الزمن، كما ورد في سورة آل عمران آية (١٩٧) (ثم في هذه الأحاديث في سياق الحياة الدنيا)، وأما آية الرعد: فجاءت في سياق الآخرة وليس هناك فاصل زمني؛ المأوى: اسم مكان من: أوى يأوي، والمأوى: المنزل، أو المكان الّذي يأوي إليه للراحة والإقامة، وفيها معنى: الضّم، ووردت في سياق الجنة، أو النّار.
{جَهَنَّمُ}: جهنم: اسم من أسماء النار، وللنار أسماء كثيرة ورد ذكرها في القرآن؛ منها: جهنم (ورد ذكرها ٧٧ مرة).
الجحيم (٢٥) مرة.
لظى (١) مرة.
والسعير (٨ مرات، وسعيراً ٨ مرات).
وسقر (٤ مرات منها ٣ في سورة المدثر).
والحطمة.
والهاوية.
وكل واحد من هذه الأسماء هو اسم علم للنار كلها.
والنار: درجات، وقيل: دركات كقوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِى الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: ١٤٥].
ولها سبع أبواب {لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ} [الحجر: ٤٤].
وجهنم: تعني: بعيدة القعر، شديدة الغضب، منظرها مستنكر وكريه.
وأما الجحيم: تعني: النار المتأججة، شديدة التأجج والاضطراب لا يمكن السيطرة عليها.
{وَبِئْسَ الْمِهَادُ}: بئس: فعل من أفعال الذّم؛ مثل: ساء وقبح.
{الْمِهَادُ}: الفراش؛ شبه ما تحتهم من النّار بالمهد المريح الّذي يُعد للطفل الوليد؛ للتهكم، والتقريع بهم.