سورة غافر [٤٠: ٢٥]
{فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِى ضَلَالٍ}:
{فَلَمَّا}: الفاء للترتيب العددي أو الذّكري، لما: ظرفية زمانية بمعنى حين.
{جَاءَهُمْ}: لم يقل أتاهم؛ المجيء فيه مشقة وصعوبة مقارنة بالإتيان، وجاءهم أي: موسى، جاء فرعون وهامان وقارون.
{بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا}: الباء للإلصاق والاستمرار، بالحق: بالصّدق، والحق: هو الأمر الثّابت الّذي لا يتغير ولا يتبدل، وبالحق (قد تعني بالمعجزات الّتي تدل على صدق نبوته).
{قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ}: ارجع إلى سورة البقرة آية (٤٩)، والأعراف آية (١٤١) للبيان. ويجب الانتباه إلى اختلاف الزّمن بين هذه الآية من سورة غافر والآية (٤) من سورة القصص:
{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِى الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْىِ نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}.
فآية القصص زمنها عند ولادة موسى، وآية غافر زمنها عندما أصبح موسى نبياً ورسولاً؛ أي: بعد عودته من مدين.
ففرعون أمر بالذّبح وقتل الذّكور من بني إسرائيل مرتين:
المرة الأولى: قبل ولادة موسى كما ورد في آية القصص.
والمرة الثّانية: في هذه الآية آية غافر، ففرعون يأمر بذبح أبناء الّذين آمنوا مع موسى (بالله رب العالمين).
{وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ}: أي أبقوا نساءهم أحياء للخدمة والإذلال.
{وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِى ضَلَالٍ}: وما: الواو حرف عطف، ما: النّافية.
كيد فرعون: الكيد هو أقوى من المكر، والكيد: هو إيقاع الضّرر أو المكروه بالغير قهراً سواء علم الخصم أم لا يعلم.
وكيد فرعون سواء كان بقتل أبناء الّذين آمنوا مع موسى واستحياء نسائهم، أو إذاقة بني إسرائيل سوء العذاب وغيره من القهر والذّل.
{إِلَّا فِى ضَلَالٍ}: وما كيد فرعون بموسى والذّين آمنوا معه، إلا: أداة حصر، في ضلال: في ظرفية، ضلال: في خسران وضياع وباطل لا جدوى منه ولا فائدة؛ لأنّ الله سبحانه أعظم كيداً وهو القوي العزيز.