سورة يونس [١٠: ١٥]
{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِى أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَائِ نَفْسِى إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَىَّ إِنِّى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّى عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}:
{وَإِذَا}: الواو: استئنافية؛ إذا: ظرفية زمانية تتضمن معنى الشّرط، وإذا تستعمل للشيء المحقق حدوثه.
{تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا}: التّلاوة؛ تعني: القراءة؛ أيْ: آيات القرآن الحكيم. ارجع إلى الآية (٧١) من نفس السورة.
{تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا}: تتلى: فعل مضارع؛ يدل على التّجدد، والتّكرار، بينما في قوله تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ}: تليت: فعل ماض؛ أيْ: قرئت عليهم آياتنا؛ تدل على الحدوث في الماضي مرة، أو مرتين وانتهى الأمر؛ بينما تتلى: تدل على التّجدد، والتّكرار.
{بَيِّنَاتٍ}: الآيات الواضحات الدّالات على وحدانية الله تعالى، وعلى الإيمان، وترك الشّرك، ومحاربة الكفر، والأصنام.
{قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا}: ارجع إلى الآية (٧)؛ لمعرفة معنى الّذين لا يرجون لقاءنا.
وقيل: كانوا خمسة نفر؛ أمثال: عبد الله بن أمية، والوليد بن المغيرة، ومُكرز بن حفص، وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس، والعاص بن عامر. هذا ما قاله مقاتل (انظر في أسباب النزول للواحدي).
وقيل: نزلت في المستهزئين بالقرآن؛ كما قال ابن عباس -رضي الله عنهما- .
{ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ}: هم يطلبون طلبين:
١ - الأوّل أن يأتي لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقرآن غير هذا؛ أيْ: يطلبون قرآناً جديداً كاملاً.
٢ - والثّاني: إذا لم تأتِ بقرآن جديد إذن بدل بعضه (أيْ: بعض آياته، أو كلماته)؛ بحيث لا تسيء إليهم، أو إلى آلهتهم؛ أيْ: هم يطلبون قرآناً لا يذم شركهم، وظلمهم، ولا يَعيبُ على آلهتهم، قرآناً خالياً من الإنذار، والوعيد، والبعث، والنّشور؛ فقد كانت صدورهم تضيق لسماعه، وفي الحقيقة هم لا يريدون سماع أيِّ شيء قليلاً كان أو كثيراً يقلق مضاجعهم.
{قُلْ مَا يَكُونُ لِى أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَائِ نَفْسِى}: قل لهم يا محمّد -صلى الله عليه وسلم-: ما: النّافية؛ لا يحق لي أو يحل لي: أن: مصدرية؛ تفيد التّوكيد. أبدِّله: انتبه جاء الرّد بالرّفض على التّبديل، ولم يرد على طلبهم بالتّغيير: {ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا}؛ لأنّ هذا السّؤال الأوّل سخيف؛ أي: الإيتاء بغير هذا القرآن، وأما التبديل فنفى ذلك أيضاً؛ أيْ: نفى الأسهل؛ ليدل على نفي الأصعب، هو التغيُّر وهو أمر مستحيل.
وقوله: {قُلْ مَا}: تنفي الحال، والمستقبل، وتحمل معنى التّوكيد.
{مِنْ تِلْقَائِ نَفْسِى}: أيْ: لا يمكن أن أبدِّله من قبل نفسي.
{إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَىَّ}: إنّ: حرف نفي. إلا: أداة حصر. ما يُوحى إلي؛ أيْ: ما ينزل به الرّوح الأمين فقط. ما يوحي إليَّ ربي من الآيات، والأحكام، ولمعرفة (ما يوحى إليَّ): ارجع إلى سورة النساء، آية (١٦٣).
{إِنِّى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّى عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}: إنّ: للتوكيد؛ أخاف إن: شرطية، وجملة إني أخاف إن عصيت ربي: جملة تعليلية؛ لكوني أتبع فقط ما يوحى إليَّ.
{عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}: أيْ: يوم القيامة.