للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الأنعام [٦: ١١١]

{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَىْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ}:

سبب النزول: رُوِيَ عن ابن عباس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتاه جماعة من كفار مكة وزعمائها؛ فقالوا له: أرنا الملائكة يشهدون بأنك رسول الله، أو ابعث لنا بعض موتانا حتى نسألهم: أحقاً ما تقول أم باطلاً؟ أو ائتنا بالله، والملائكة قبيلاً؛ فنزلت الآية.

{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ}: ولو: الواو: استئنافية، لو: شرطية.

{أَنَّنَا}: بدل أنا؛ للتوكيد، والتعظيم.

ولو استجبنا لمطالب هؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمننَّ بها.

و {نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ}: ورأوهم بأعينهم، وسمعوا شهادتهم لك بالرسالة والنبوَّة.

{وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى}: الذين يعرفونهم بعد إحياء الله لهم من جديد.

{وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَىْءٍ قُبُلًا}: حشرنا: جمعنا؛ أيْ: أحضرنا لهم الآيات، والحجج، يُزاحم بعضها بعضاً، كما يطلبونها.

{قُبُلًا}: مواجهة، ومعاينة، ومقابلة؛ أيْ: وضعنا أمام أعينهم كل آية أو كل ما طلبوه من الآيات من القُبل الذي هو أمامك, والدبر: هو الذي خلفك.

{كُلَّ شَىْءٍ}: شيء: نكرة، تضم كل شيء طلبوه من الآيات، والدلائل.

{مَا}: نافية.

{كَانُوا لِيُؤْمِنُوا}: أي: لن يصدقوك، ويؤمنوا بما جئت بإرادتهم، ورغبتهم.

{إِلَّا}: أداة استثناء.

{أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}: أن يهديهم إذا اختاروا الإيمان لأنفسهم (الإيمان الاختياري)، أو يجبرهم على الإيمان قسراً, وإذا قارنا هذه الآية مع الآية (١١٢) التالية من نفس السورة وهي قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ}: نجد أن اسم الجلالة الله جاء في سياق الإيمان ونفي الشركاء, واسم الرب جاء في سياق الحفظ لرعاية.

{وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ}: يجهلون: أن الهداية بيد الله وحده، وليست بأيديهم، كما زعموا إذا رأوا آية؛ ليؤمننَّ، وإذا لم يروا آية: لا يؤمنون؛ فالله سبحانه قادر على أن يريهم آية، أو أكثر، ولا يؤمنون.

أو هو سبحانه قادر على أن يجعلهم يؤمنون من دون رؤية أيِّ آية، لا يعجزه شيء في الأرض، ولا في السماء.

وهناك القلة الذين لم يصفهم بالجهل؛ لأنهم سوف يؤمنون حين يرون الآيات، أو غيرها، ولكن بمشيئة الله. ارجع إلى سورة الزمر آية (٦٤) لمزيد في معنى يجهلون، وسورة الفرقان آية (٦٣).