سورة الروم [٣٠: ٣٣]
{وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ}:
{وَإِذَا}: ظرفية شرطية تفيد حتمية الحدوث؛ أي: تستعمل للشيء المحقق حدوثه، وهو أن يمس الناس ضره.
{مَسَّ}: المسُّ هو اللمس الخفيف، أو الإصابة الطفيفة أو الخفيفة.
{النَّاسَ ضُرٌّ}: ضرٌّ جاء بصيغة النكرة؛ تعني: أيَّ ضرٍّ من فقر ومرض وبلاء، أو نقص في الأموال والأولاد. والضُّر: اسم جامع لكل ما يسوء الإنسان في نفسه أو بدنه أو عرضه أو ماله. ارجع إلى سورة يونس آية (١٢) لمزيد من البيان.
أما الضَّر: ضد النفع: ما تضر به آخر وتنفع نفسك؛ أي: إذا مسَّ النّاس ضرٌّ يسيرٌ خفيفٌ.
{دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ}: دعوا ربهم لكشف الضرِّ عنهم. مخلصين إليه؛ أي: علموا أن لهم رباً فلجؤوا إليه ساعة الضيق والضر، ورجعوا إلى طاعته وقطعوا ما بينهم وما بين الشرك؛ لينجوا؛ أي: أخلصوا في طاعتهم وأصبحوا موحّدين، وهذه تعتبر إنابة اضطرار بسبب الشدة والضيق.
{ثُمَّ إِذَا}: أذاقهم منه رحمة. (ثم) تدل على تباعد وتباين بين (منيبين إليه) و (يشركون).
{إِذَا}: ظرفية فجائية.
{أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً}: أذاقهم مشتقة من: الذّوق فقط مجرد إذاقة؛ أي: التناول الخفيف.
{مِّنْهُ}: تعالى، تقديم (منه) على الرّحمة: يدل على الاهتمام وعلى قدرته وعظمته؛ أي: خلّصهم من الضر وأذاقهم بدل الضّر رحمةً مثل: الصحة والرخاء والغنى والأمن، رحمة: نكرة، أيّ رحمة.
{إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم}: إذا: ظرف زماني يدل على الفجأة. فريق منهم؛ أي: من الّذين كشف عنهم الضر.
{بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ}: فريق منهم عادوا إلى شركهم بربهم وظلمهم وعنادهم، وفريق منهم آمنوا واتقوا ربهم واستمروا على ذلك.
وإذا قارنّا هذه الآية (٣٣) من سورة الروم: {إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} مع الآية (٦٥) من سورة العنكبوت: {إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}، نجد في آية الروم: فريق منهم أشركوا فقط، بينما الكل أشركوا في آية العنكبوت؛ وسبب ذلك أن الّذين دعوا ربهم في آية الروم كانوا على اليابسة؛ أي: البر، وأما الّذين دعوا ربهم في آية العنكبوت كانوا في البحر، الكل كان سيغرق.