سورة البقرة [٢: ٢٧٢]
{لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}:
سبب النّزول: قيل: نزلت هذه الآية في أنصار المدينة المنورة؛ لما أسلموا كرهوا أن يتصدقوا على بعض أقاربهم من المشركين، وغيرهم، فنزلت هذه الآية هذا قول الجمهور، تدعوهم إلى الاستمرار في التصدق عليهم، ولا يكون عدم دخولهم في الإسلام سبباً لعدم التصدق عليهم؛ لأنّ الله هو الهادي وحده يهدي من يشاء، وليس المال، أو الصدقة، ولذلك قالوا: صدقة التطوع يجوز صرفها على غير المسلم.
{لَّيْسَ}: نافية، {عَلَيْكَ}: يا محمّد -صلى الله عليه وسلم- الخطاب موجه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك أمته -صلى الله عليه وسلم-.
{هُدَاهُمْ}: أي: لست مكلفاً بهدايتهم، ودخولهم في الإسلام، ولا أنتم مكلفون أيضاً على هدايتهم، وإنما عليك وعلى أمتك البلاغ فقط.
{وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ}:
{وَلَكِنَّ}: حرف استدراك، وتوكيد.
{اللَّهَ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ}: من عباده؛ أي: من اختار طريق الهداية، وسار عليه، وطلب من الله الزّيادة، والتوفيق للهداية، وسعى لها بنفسه؛ فالله سبحانه يُعينه، ويزيده هدى وتقوى.
{وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ}: الواو: عاطفة، ما: شرطية مطلقة، من أي شيء.
{مِنْ خَيْرٍ}: من: استغراقية تستغرق كل خير، والخير جاء نكرة؛ ليشمل كل شيء مال، وطعام، أو غيره. والخير هو الحلال الطيب الحسن النافع.
{فَلِأَنفُسِكُمْ}: الفاء: رابطة للجواب، أنفسكم: اللام: لام الاختصاص، والاستحقاق؛ أي: ثوابه يرجع إليكم، ولا ينتفع به غيركم.
{وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ}:
{وَمَا تُنْفِقُونَ}: تفيد النفي؛ أي: ولا تنفقون (قيل: خبر أريد به الأمر).
{إِلَّا}: حصراً.
{ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ}: في سبيل الله وحده، وابتغاء مرضاته، فلا شرك، ولا رياء.
{وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}:
{وَمَا تُنْفِقُوا}: ليس فيها تكرار؛ لأنّ الأولى: فيها إعلام بالثواب، والثانية: فيها إعلام بأن يكون الإنفاق في سبيل الله وحده، والثالثة: إعلام بأن الثواب يضاعف، ولن تظلموا.
والتكرار يفيد التّوكيد، والحث على الإنفاق والتذكير.
وما تنفقوا من خير سيوفى لكم أضعافاً مضاعفة.
{وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}: {وَأَنتُمْ}: تفيد التّوكيد.
{لَا}: النّافية.
{تُظْلَمُونَ}: ينقص من أجوركم شيئاً.