سورة الفرقان [٢٥: ٣١]
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا}:
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ}: أيْ: كما جعلنا لك أعداءً من مشركي قريش جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين. أيْ: من المشركين أو الكافرين والظالمين الطاغين.
من: تشير إلى اسم الجنس. ومن تشمل المفرد والمثنى والجمع.
وهذا القول يفسره قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: ١١٢].
{عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ}: ولم يقل: أعداء: عدواً تطلق على المفرد والجمع.
ويستعمل القرآن عدواً: إذا كانت العداوة سببها واحد، أيْ: إذا كانت العداوة مفردة، أو كانت عداوة لسبب واحد مثل الدِّين.
ويستعمل كلمة أعداء إذا كانت هناك عداوات مختلفة أيْ: عداوات لأسباب مختلفة مثل الدِّين والأرض والمال.
{مِنَ الْمُجْرِمِينَ}: جمع مجرم. ارجع إلى سورة الأنعام آية (٥٥)، وسورة الجاثية آية (٣١) لبيان معنى المجرمين.
{وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا}: كفى: أي: اكتف بربك أو يكفي ربك هو الهادي والنصير. فلا تحتاج إلى غيره فلا تجزع ولا تخف من قومك أو من المجرمين. ارجع إلى سورة الأنعام آية (٥٥)، وسورة الجاثية آية (٣١) لمزيد في بيان معنى المجرمين.
بربك: الباء للإلصاق والتوكيد، توكيد الكفاية.
قال: هادياً ولم يقل: يهدي، هادياً تدل على صفة الهداية عنده ثابتة بينما يهدي جملة فعلية تدل على صفة الهداية عنده متجدِّدة ومتكرِّرة فهو سبحانه هادٍ ويهدي.
{يَهْدِى بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [المائدة: ١٦].
وكفى بربك هادياً: إلى الحق وإلى الصراط المستقيم وهو الإسلام الدين القيم.
هاديك إلى شؤون دينك وإلى الحكم بما أنزل الله وإلى كلّ أمر فيه خير الدّنيا والآخرة.
ونصيراً: على كلّ من يعاديك أو يمكر بك.