للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الطلاق [٦٥: ٢]

{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَهُ مَخْرَجًا}:

{فَإِذَا}: الفاء استئنافية، إذا: ظرفية شرطية تفيد الحتمية.

{بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}: أيْ: قاربن على انقضاء العدة وهي ثلاثة قروء.

(القرء في اللغة: يطلق على الحيض وعلى الطهر) فمنهم من قال: ثلاثة أطهار أو ثلاثة حيضات.

{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}: فأنتم بالخيار إن شئتم الرجعة فأمسكوهنَّ بمعروف، أيْ: من دون أيِّ قصد أو نية للإضرار بهنَّ، والفاء في فأمسكوهنَّ جواب الشرط.

{أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}: اتركوهنَّ حتى تنقضي عدتهنَّ، ثم فارقوهنَّ بمعروف، الباء للإلصاق والملازمة. أيْ: من دون الإساءة لهنَّ أو القذف والسب أو الإيذاء بكل أشكاله.

{وَأَشْهِدُوا ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ}: وأشهدوا على الطلاق أو المراجعة بُعداً عن الريبة وتجنباً للخصومة والأمر للندب، أي: افعلوا ذلك، أيْ: أشهدوا ذوي عدل: أي: شاهدين اثنين من ذوي العدل والأمانة، منكم: من المسلمين ولا يجوز شهادة الكفار.

{وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}: أيْ: أتموا الشهادة لوجه الله تعالى وليس لمنفعة دنيوية أو غرض ما أو مصلحة، أيْ: أدوا الشهادة بالصدق والعدل ولو كان ذا قربى.

{ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ}: ذلكم ولم يقل ذلك: استعمل ذلكم؛ لأن الأمر يشمل عدة أحكام وكونها أحكاماً مهمة وللحثِّ على إقامة الشهادة.

{مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}: من استغراقية، يؤمن بالله واليوم الآخر: أيْ: يؤمن: يصدق ويعتقد اعتقاداً جازماً بأن الله خالق كل شيء ومليكه، وإنه المستحق للعبادة وحده ولا شريك له، وكذلك يصدق باليوم الآخر بلا ريبة أو تردُّد.

ولم يذكر كلمة منكم؛ لأن الخطاب إلى النبي وأمته، فلا حاجة إلى ذكر كلمة منكم، كما هي الحال في سورة البقرة الآية (٢٣٢) ارجع إليها للبيان.

{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَهُ مَخْرَجًا}: من: شرطية، يتق الله: يطع أوامر الله في الطلاق والعدة والرجعة ولا يخالف أحكامه وسنة رسوله، يجعل له: له اللام لام الاختصاص، مخرجاً: أي فرجاً من الضيق والكرب الذي وقع فيه. ومخرجاً من الحرام إلى الحلال ومن الفقر إلى الغنى ومن الذل إلى العزة ومن المرض إلى العافية، ومن اليأس إلى الأمل وغيرها.

وسر ذكر التقوى في سياق آيات الطلاق أن التقوى تحث على الصبر، ولو اتقى الإنسان وصبر في هذه الظروف العصيبة، ولم يستعجل لعل الله تعالى يهديه إلى مخرج من هذه الأزمة، والناس في هذه الأيام أنهم يريدون المخرج أولاً، ثم التقوى أو الصبر ثانياً بعكس ما أمر الله.