للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة القصص [٢٨: ٧]

{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمِّ وَلَا تَخَافِى وَلَا تَحْزَنِى إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}:

{وَأَوْحَيْنَا}: الوحي لغة: إعلام بطريق خفي، شرعاً: ما يُلقي الله إلى رسله من تكاليف وتعاليم دينه (منهج) وآيات ووعد ووعيد بإرسال رسول (جبريل) أو أن يكلمه من وراء حجاب أو بطريق خفي، والوحي إلى أم موسى كان بالإلهام أو برؤيا، ويعتبر ذلك نوعاً من أنواع الوحي. ارجع إلى سورة النّساء آية (١٦٣) لمزيد من البيان.

{إِلَى أُمِّ مُوسَى}: الوحي كان بالإلهام.

{أَنْ}: حرف مصدري يفيد التّعليل.

{أَرْضِعِيهِ}: قيل: أرضعته حوالي ثلاثة شهور، وقيل: (٨) أشهر، وقيل: أربعة أشهر؛ فلما ألحَّ فرعون في طلب الولدان من بني إسرائيل لذبحهم بإرسال الجواسيس خافت أم موسى على وليدها.

{فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ}: الفاء للتعقيب والمباشرة، إذا شرطية تستعمل للشيء المحقق حدوثه بعكس إن تستعمل للأمر المشكوك في حدوثه، خفت على موسى من الذّبح أو أن يعثر عليه جنود فرعون.

{فَأَلْقِيهِ}: الفاء للتعقيب والمباشرة رابطة لجواب الشّرط إذا.

فألقيه: الإلقاء: هو رمي الشيء من أعلى إلى أسفل برفق ولين، وحين الإلقاء تراه أو ترى مكان الإلقاء، وفي سورة طه آية (٣٩) قال تعالى: {اقْذِفِيهِ فِى التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِى الْيَمِّ}، والقذف: هو الرمي بشدة وقوة من غير مهلة حتى لا تراه حيث لا تلقاه، والقذف: أعم من الإلقاء.

{فِى الْيَمِّ}: أيْ: في نهر النّيل. ويستعمل كلمة اليم في سياق الخوف أو العقوبة.

{وَلَا تَخَافِى وَلَا تَحْزَنِى}: تكرار (لا): يفيد توكيد النّهي وفصل كلّ واحدة الخوف والحزن على حدة أو كلاهما، لا تخافي ـ بعد إلقائه في اليم ـ عليه من الغرق أو الموت، ولا تحزني لفراقه وذهابه عنك.

ولا تحزَني: من الحزَن: الألم أو الغم الدائم الّذي لا يزول.

{إِنَّا}: للتعظيم.

{رَادُّوهُ إِلَيْكِ}: الرّد هو الرّجوع أو العودة إلى المكان الّذي خرج منه بحيث يجبر أو يُكره على الرّجوع وبغير إرادته، والرّجوع هو الخروج من مكان ما أو مدينة مع النّية للرجوع إليها وبرغبته، ومن دون إكراه.

واستعمل رادُّوه؛ لأنّه سبحانه سيحرم عليه المراضع فيردُّه إليك لترضعيه.

{وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}: أي: سنجعله رسولاً إلى بني إسرائيل رسولاً ونبياً.

هذه الآية إذا تأملناها نجد أنّها تشمل على خبرين هما: وأوحينا إلى أم موسى، فإذا خفت عليه، وأمرين هما: أرضعيه وألقيه، ونهيين: لا تخافي ولا تحزني، وبشارتين: رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين يدل على عظيم البيان الرباني.