المناسبة: بعد أن نزلت الآية (٤) قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه في التبرؤ من أقاربهم المشركين عندها تبرأ بعض المؤمنين من الصّحابة من أقاربهم المشركين في مكة وأظهروا لهم العداوة، وكان ذلك صعباً على المسلمين، فأنزل الله تعالى هذه الآية. وقيل: نزلت في خزاعة وبني مدلج حين صالحوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ألا يقاتلوه، كما رُوِيَ عن ابن عباس.
{عَسَى اللَّهُ}: من أفعال الرّجاء؛ أي: الترجي المتحقق حدوثها؛ ولعل: من أفعال الترجي أيضاً تفيد الإشفاق؛ أي: راجين الله تعالى أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم مودة.
{أَنْ}: هنا تفيد للدلالة على الاستقبال.
{يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم}: أي: من كفار مكة منهم (خاصة) أو غيرهم.
{مَّوَدَّةً}: أي: يسلموا ويصبحوا إخوانكم ومواليكم وتتحول العداوة إلى مودة والفرقة إلى ألفة.
{وَاللَّهُ قَدِيرٌ}: على كلّ شيء، صيغة مبالغة على القدرة، ولم يقل: قادر لا يعجزه شيء في الأرض ولا السّماء، وإذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون.
{وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}: إعادة كلمة الله تدل على التّوكيد على أنّه قدير، وعلى أنّه غفور رحيم وأنّه قدير وغفور رحيم معاً، وغفور صيغة مبالغة من غفر، غفر لمن أخطأ، ثم تاب وأناب، ويغفر الذّنوب جميعاً إلا الشّرك، رحيم: لا يعجل لهم العقاب ولا يعذبهم بعد التّوبة والإنابة إليه، رحيم بعباده المؤمنين ورحمته دائمة ثابتة.