سبب النّزول: كما ذكر الواحدي في (أسباب النّزول) قيل: إن هذه الآية نزلت في النضر بن الحارث الّذي كان تاجراً إلى فارس يشتري أخبار الأعاجم ويعود ويخبر بها قريشاً ويقول لهم: إن محمّداً يحدثكم بحديث عاد وثمود، وأنا أحدثكم بحديث رستم والأكاسرة، مما أدى إلى جذب طائفة من النّاس للاستماع له.
وقال ابن عباس: نزلت هذه الآية في رجل اشترى جارية مغنية.
{وَمِنَ النَّاسِ}: من ابتدائية بعضية؛ أي: من بعض النّاس أمثال النضر ابن الحارث.
{مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ}: كل ما يلهو به النّاس من الغناء والقصص والأساطير والخرافات، يشتري: من الشراء الّذي يدفع معه ثمن؛ أي: يشتري بماله.
واللهو: كل ما يشغل الإنسان عما يهمّه عن واجب أو عن شيء نافع.
{لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}: اللام لام التّعليل والتوكيد، ليضل عن سبيل الله: ليصرف أو يمنع النّاس من الدخول في الإسلام، مما يؤدي إلى ضلالهم وصدهم عن الحديث النافع.
{بِغَيْرِ عِلْمٍ}: جهلاً منه وحماقةً، ويشتري أشياء بغير علم، (علم) نكرة؛ تعني أيَّ علم بالتجارة، ويشتري أشياء تخسر ولا تعود عليه حتى برأس ماله، ويشتري بغير علم ويضل بغير علم؛ لأنه جاهل أحمق.
{وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا}: يتخذها؛ أي: الآيات أو السبيل؛ أي: الدين لقوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِى}[يوسف: ١٠٨]، (فهي مؤنثة) هزواً: أي يستخف بها أو يعيب عليها ويصغّر من قدرها.
{أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} أولئك: اسم إشارة للبعد، لهم: اللام لام الاختصاص أو الاستحقاق.
عذاب مهين: مصحوب بالإهانة والألم؛ لأنه سيكون أمام النّاس وفيه ذلة.