قال موسى راداً على قولهم: ما هذا إلا سحر مفترى، وما سمعنا بهذا في آبائنا، قال: ربي أعلم بمن جاء بالهدى.
{وَقَالَ مُوسَى}: بدلاً من القول قال موسى جاء بالواو: للتوكيد، على قول موسى: أنّه الحق، وما زعم فرعون ومَلَؤُهُ أنّها سحر هو الباطل.
{رَبِّى أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ}: لم يقل موسى ويعلن لهم أنا جئتكم بالحق وأنتم على ضلال أو أنا على حق وأنتم على باطل، وإنما قال: ربي أعلم بمن هو على الهدى، وبمن هو على الباطل، وهذا أسلوب من أساليب الدّعوة إلى الله، وخطاب النّاس والحوار باللين والرّحمة فهو أطلق القول وترك للعقول أن تميز وتختار ما تشاء، أعلم بمن: الباء للتوكيد، من: اسم موصول بمعنى الّذي، ولم يقل: يعلم، بل قال: أعلم بصيغة المبالغة، جاء بالهدى من عنده؛ أي: من عند الرب فهو أعلم من هو المهتدي ومن جاء بالحق ولم يقل لهم: أنا جئت بالهدى مع العلم أنّه جاء بالهدى من عند ربه، من عنده: ولم يقل: منه، من عند أخص وأقرب. ومنه تستعمل للشيء العام والهدى شيء خاص ومهم جداً، ولذلك استعمل من عنده وأحياناً يستعمل من لدنه.
{وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ}: من: بمعنى الّذي أنا أم أنتم، تكون له عاقبة الدّار: الدّار الآخرة أي: الجنة، فالدّار الدّنيا مزرعة للحسنات والسّيئات والعاقبة إما الثّواب أي: الجنة أو العقاب والعذاب.
{إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}: إنّه للتوكيد، لا يفلح: لا النّافية، يفلح: لا يفوز بعاقبة الدّار (الجنة) الظّالمون: الكافرون أو المشركون، الظّالمون: جملة اسمية تفيد الثّبوت والاستمرار.
والظالمون: جمع ظالم والظالم كلّ من يخرج عن منهج الله يعتبر ظالماً لنفسه.