سبب النّزول: عن ابن عباس قال: إنّ المسلمين أكثَروا الأسئلة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى شقُّوا عليه، فأراد الله تعالى أن يخفف عن نبيه فأنزل هذه الآية، فلما نزلت كفَّ بعض النّاس عن سؤاله. وقيل: نزلت هذه الآية في الأغنياء الذين كانوا يكثرون الأسئلة على رسول الله ويطيلون الجلوس بين يديه، وكان -صلى الله عليه وسلم- يصاب بحرج من ذلك.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ}: نداء جديد إلى الذين آمنوا بتكليف جديد هو: إذا أردتم الحديث مع رسول الله أو مسارَّته في أمر من الأمور الخاصة بكم.
{إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ}: إذا شرطية ظرفية.
ناجيتم: ارجع إلى الآية (٤) لمعرفة معنى النجوى.
{فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}: فقدّموا قبل المناجاة صدقة للفقراء؛ لتعظيم رسول لله -صلى الله عليه وسلم- وانتفاع الفقراء والنّهي عن الإفراط في الأسئلة، ولم يُبيّن مقدار هذه الصّدقة.
{ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ}: ذلك: اسم إشارة، والمشار إليه أو المخاطب واحد، ولم يقل (ذلك)؛ لأنه للجمع، أو التوكيد في الحكم، كما في الظهار والطلاق في الآية (٣)؛ أي تقديم الصّدقة قبل النّجوى، خير لكم: لما فيه طاعة الله وامتثال أوامره في الدّين، وأطهر: لأنّ الصدقة طهرة، أو لعل الصّدقة تطهّر مسارّاتكم أو نجواكم إذا حدث خلل أو مضايقة، وأطهر لأنفسكم من البخل والشُّحّ وحبّ المال.
{فَإِنْ لَّمْ تَجِدُوا}: الفاء رابطة لجواب الشّرط؛ إن: تفيد الاحتمال أو القلة؛ لم: نافية؛ تجدوا صدقة.
{فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}: لا حرج ولا جناح عليكم وبدون صدقة؛ لأنّ المأمور بتقديم الصّدقة هو الغني القادر، ثم رفع الحكم في الآية (١٣) من نفس السورة، فإن: للتوكيد، غفور: لمن تاب وآمن وعمل صالحاً مهما كانت ذنوبه عددها ونوعها، رحيم: بتأخير العذاب عنه وكثير المغفرة، رحيم بعباده المؤمنين.