فلمّا تسرب الخبر إلى عدد من النّسوة (٤-٥ نساء) اللاتي يعملن في القصر، أو بسبب إخبار أزواجهنَّ لهنَّ.
{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِى الْمَدِينَةِ}: ولم يقل: قالت نسوة؛ قال بالتّذكير الذي يدل على جمع قلة، ولو قال: قالت، بالتّأنيث فهو يدل على الكثرة؛ كقوله تعالى:{قَالَتِ الْأَعْرَابُ}: بالتّأنيث جمع كثرة، {جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِى}: تدل على القلة؛ {قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ}: يوم القيامة في الآخرة كلّ الرّسل بما فيهم الأنبياء؛ تدل على الكثرة.
{امْرَأَتُ الْعَزِيزِ}: ولم يقل: زوجة العزيز؛ لأنّه هناك مرض في الزّوج هو عدم الإنجاب بذلك خالف زوجه الّتي هي صالحة للإنجاب؛ فبدل كلمة زوجة بكلمة امرأة، يستعمل القرآن زوجة للمرأة الّتي لا تخالف زوجها في الدّين (مثل الكفر)، وهي صحيحة البنية ليس فيها عيب أو مرض مثل العقم أو سوء الخُلق, وكتبت امرأت بالتاء المفتوحة أو المبسوطة بينما في الآية (١٢) في سورة النساء, والآية (٥٠) في سورة الأحزاب بالتاء المربوطة. ارجع إلى سورة آل عمران آية (٣٥) لمعرفة الفرق؛ فنبأ امرأة العزيز ربما تسرب إلى أحد العاملين في القصر، ثمّ انتقل إلى بقية العاملين وأزواجهم.
وهؤلاء النّسوة قيل: كن خمس نسوة؛ فانتقل الخبر إلى إحداهنَّ، ثمّ شاع الخبر بينهنَّ، ثمّ وصل إلى امرأة العزيز.
{تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَّفْسِهِ}: ارجع إلى الآية (٢٣).
{قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}: الشّغاف: هو غلاف القلب؛ أيْ: أنّ حبها له وصل إلى قلبها (شغاف قلبها دلالة على شدة الحب)، وأن حبه قد جرى في دمها ووصل إلى قلبها.
{إِنَّا لَنَرَاهَا فِى ضَلَالٍ مُبِينٍ}: لنراها: اللام: لام التّوكيد؛ نراها في ضلال مبين: بعيدة عن الصّواب (أخطأت وابتعدت عن التّحصن، ومنهج الله).
{مُبِينٍ}: ظاهر لكلّ فرد، وضلال ظاهر لا يحتاج إلى أحد ليظهره؛ أيْ: مظهر لنفسه لا يحتاج إلى دليل، أو برهان.