للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة المائدة [٥: ٩٠]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}:

نداء جديد للذين آمنوا؛ بتكليف جديد، أو حكم، واستعمل فيها ياء النداء، والهاء: للتنبيه.

{إِنَّمَا}: كافة، ومكفوفة؛ تفيد التوكيد.

{الْخَمْرُ}: اسم لكل ما خامر العقل؛ أيْ: خالطه، أو غطاه، أو ستره.

{وَالْمَيْسِرُ}: القمار، مشتقة من اليسر: وهو كسب المال بلا جهد.

{وَالْأَنصَابُ}: قيل: هي النصب: حجارة كانت حول الكعبة في الزمن القديم، كانوا يذبحون عليها؛ تقرباً للآلهة، وقيل: هي الأصنام، والتماثيل.

{وَالْأَزْلَامُ}: أقداح كان يكتب عليها: أمرني ربي، أو نهاني ربي، أو افعل، أو لا تفعل، وهي سبعة أقداح، أو أكثر.

{رِجْسٌ}: عمل قذر، قبيح، خبيث، مستقذر، حساً، أو معنىً؛ لأن النفس الحكيمة، والعقل الحكيم يعافه (يستقبحه).

منها ما هو مستقذر حساً: مثل الخمر، والميتة، والدم المسفوح.

ومنها ما هو مستقذر معنىً: الأزلام، الأنصاب، الميسر، وتسمَّى الأوثان.

بينما الرجز: هو العذاب، والرجس: يطلق على الأصنام، والأوثان، والآثام، والمعاصي، والرجس: أعم من الرجز؛ فهي تشمل الشيء أو القبيح والمستقذر وأيضاً العذاب. ارجع إلى سورة البقرة آية (٥٩) لمزيد من البيان.

{مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}: من تزيين الشيطان، ووساوسه، وإضلاله. وكما قال تعالى في سورة النساء، آية (١١٩-١٢٠): {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ}، {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}.

{فَاجْتَنِبُوهُ}: كونه رجساً من عمل الشيطان؛ فلذلك يقتضي اجتنابه؛ أي: ابتعدوا عنه، ولا تقربوه.

{فَاجْتَنِبُوهُ}: من الاجتناب: وهو أن يعطي الإنسان الشيء المتجنب جانبه، ويعني: عدم الاقتراب منه، فلا يكفي عدم القيام به، بل عدم الاقتراب منه، وقالوا: الاجتناب: أقوى من التحريم، والهاء: في {فَاجْتَنِبُوهُ}: تعود على عمل الشيطان والرجس.

والرجس: يعني: الأربعة المذكورة، وهي: الخمر، والميسر، والأنصاب، والأزلام، ولم يترك -جل وعلا- هذا الأمر؛ للاستحسان العقلي، والاستنباط؛ لكي يُفتي فيه، بل صرّح به، فقال: {فَاجْتَنِبُوهُ}.

{لَعَلَّكُمْ}: لعلَّ هنا: للتعليل.

{تُفْلِحُونَ}: أيْ: تفوزون في الآخرة بالجنة، ورضا الله. ولبيان مزيد من معنى (تفلحون)؛ ارجع إلى الآية (٥) من سورة البقرة.