{الَّذِينَ يَقُولُونَ}: تعود على الذين اتقوا ربهم، فهو قد بين لهم الجزاء والثواب أولاً، ثم عاد ليبيِّن لهم ما هو مطلوب منهم؛ لنيل تلك الجنات الذين يقولون: جاءت بصيغة المضارع؛ ليدل على التجدد والاستمرار.
{رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا}: ربنا: لم يقولوا يا ربنا؛ لأنه سميع قريب، لا يحتاج إلى أداة نداء. إننا: توكيد، آمنا: بك إلهاً، ورباً، وآمنا بوحدانيتك، وربوبيتك، وبأسمائك، وصفاتك، وملائكتك، وكتبك، ورسلك، واليوم الآخر، والقضاء، والقدر خيره وشره.
ونعلم: أن الإيمان يحتاج إلى العمل الصالح، ونحن لنا شهوات وعدونا الشيطان، وقد نخطئ فنرجوك أن تغفر لنا ذنوبنا.
{فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا}: أي: استرها لنا وجاء بالفاء ليدل على المباشرة، والتعقيب بدون انتظار مجرد ما شعروا بأنهم أذنبوا استغفروا ربهم، والذنوب: هي الجرم الذي يترتب عليه عقاب، وإذا سهوا عن الاستغفار سألوا الله الوقاية من عذاب النار.
{وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}: والوقاية تعني: أن اجعل بيننا وبين النار حاجزاً ومانعاً.
وإذا نظرنا إلى هذه الآية نرى أن طلب الغفران جاء بعد الإيمان، والتوبة شرعها لنا؛ لأنه سبحانه علم أننا سنخطئ، ونتكاسل، وربما ننحرف، ونخرج عن طاعته، ولا بد من العودة، والرجوع إليه، فترك باب التوبة مفتوحاً دائماً ليلاً ونهاراً؛ ليتوب مسيء الليل بالنهار، ومسيء النهار بالليل.