{رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}: قيل المخاطب في هذه الآية الكافر والمنافق والمشرك والمجرم؛ أي بعد أن كان في أحسن تقويم، رددناه، والرّد يعني: الرّجوع قسراً بدون إرادته ورغماً عنه، وإلى حالة غير حالته التي كان عليها سابقاً خلقاً وتركيباً إلى أسفل سافلين؛ أي: إلى أرذل العمر الذي يتمثل بضعف الذاكرة، أو فقدها، وعدم القدرة على الحركة والعجز والحاجة إلى مساعدة الآخرين.
ومن المفسرين من فسّر "أسفل سافلين"؛ أي: في الدّرك الأسفل من النّار ويقصد بها المنافق كقوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِى الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا}[النساء: ١٤٥]، والكافر والمشرك الذي جحد كلَّ نعم الله وعبودية الله تعالى بعد أن أخذ عليه العهد منذ أن كان في صلب آدم كما قال تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِى آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}[الأعراف: ١٧٢] لأنّه لم يشكر الله تعالى على نعمه وعلى خلقه، ولم يتَّق الله تعالى وإنما انشغل بالباطل والكذب والنّفاق وأرذل الأخلاق، فردّه الله تعالى إلى أسفل السّافلين في الجزاء.