للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة آل عمران [٣: ١٢٦]

{وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}:

{وَمَا}: الواو: عاطفة، ما: نافية.

{جَعَلَهُ اللَّهُ}: الهاء تعود على الإمداد، والله سبحانه قادر على النصر بدون الإمداد بالملائكة، أو أي شيء.

{إِلَّا}: حصراً.

{بُشْرَى لَكُمْ}: أي: هذا الإمداد فيه بشرى لكم، والبشارة هو أول ما يصل إليك من الخبر السار، وفي الآية (١٠) في سورة الأنفال قال تعالى: {إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} حذف لكم؛ لأن الآية في الأنفال تقدمها قوله لكم في الآية (٧) مرتين.

إذن: من هذه الآية نعلم أن حضور الملائكة المعركة، وعددهم سواء كثر، أو قل هو مجرد بُشرى؛ لأن النصر الحقيقي هو من عند الله العزيز الحكيم.

{وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ}: اللام للتأكيد، لتسكن وتهدأ قلوبكم به؛ أي: بالإمداد، وفي الآية (١٠) في سورة الأنفال قال تعالى: {وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} قدم به على قلوبكم بعكس آية آل عمران.

{وَمَا النَّصْرُ إِلَّا}: الواو: عاطفة، ما: النافية، إلا: حصراً {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}.

{الْعَزِيزِ}: القوي الذي لا يغلب، ولا يُقهر، والممتنع لا يضره أحد.

{الْحَكِيمِ}: الذي ينصر من يشاء، ويمنع النصر عمن يشاء حسب ما تراه حكمته.

وفي هذه الآية التي نزلت بخصوص غزوة أحد قدَّم القلوب على الإمداد للاهتمام؛ لأن القلوب في غزوة أحد كانت حزينة مجروحة وخائفة.

وأما في آية الأنفال (١٠) التي نزلت بخصوص غزوة بدر قدَّم الإمداد على القلوب في غزوة بدر، فقال: {وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ}؛ لأن الإمداد كان هو المهم والمنتظر.

ولنقارن بين هاتين الآيتين، الآية (١٢٦) من سورة آل عمران، والآية (١٠) من سورة الأنفال:

آل عمران آية (١٢٦): {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} الآية نزلت في غزوة أحد، وآية الأنفال نزلت في غزوة بدر، وغزوة بدر وقعت قبل أحد فبين في بدر (آية الأنفال) أن النصر إلا (حصراً) من عند الله إن الله عزيز حكيم أكد بـ (إن)؛ أي: ليس النصر بالعدد والعدة، وإنما هو من عند الله وحده سبحانه، وعلل النصر بعزته وحكمته، وفي آية آل عمران في وقعة أحد قال إلا من عند الله العزيز الحكيم بأل التعريف؛ أي: الذي تعرفونه سابقاً من غزوة بدر.

الأنفال آية (١٠): {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.

الخلاصة: في آل عمران (غزوة أحد)، ولتطمئن قلوبكم به (يعني به الإمداد) قدَّم القلوب في أحد؛ لأن القلوب حزينة مجروحة، وخائفة، والقلوب أهم من الإمداد.

في الأنفال (غزوة بدر): ولتطمئن به قلوبكم (هنا قدَّم الإمداد على القلوب؛ لأن القلوب مطمئنة بالنصر الذي وُعدوه وهم ينتظرون الإمداد الإلهي).

في آل عمران: لم يؤكد، وقال: إلا من عند الله العزيز الحكيم، أما في الأنفال أكد وقال: إن الله عزيز حكيم.

في آل عمران: قال: بشرى لكم، وفي الأنفال: لم يأت بذكر لكم؛ لأن سبقها ذكر لكم مرتين:

الأولى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} [الأنفال: ٧].

والثانية: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال: ٩].

وحذف لكم؛ لأنه مفهوم من الآيات السابقة.