المناسبة: سأل المجرمون ربهم (فارجعنا نعمل صالحاً) فجاء الردّ عليهم (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون) ولو شاء الله لهداهم قسراً ولكن لم يشأ.
{وَلَوْ}: شرطية غير امتناعية، ولو شئنا لآتينا كلّ نفس هداها ولكن لم نشأ فحقّ القول عليهم.
{شِئْنَا}: بصيغة الجمع للتعظيم، من المشيئة والمشيئة قبل الإرادة: وهي بدء العزم على الفعل، أما الإرادة: إتمام العزم أو البدء بالفعل، والإرادة قبل القدر، والقدر قبل القضاء، والقضاء قبل الإمضاء (وهو الخلق) وهو: إبراز المعدوم إلى الوجود وتأليفه وتركيبه.
{لَآتَيْنَا}: اللام لام التّوكيد (رابطة لجواب لو)، لآتينا: من الإيتاء وهو: العطاء. ارجع إلى الآية (٢٥١) من سورة البقرة لمعرفة معنى الإيتاء والعطاء.
لآتينا كلّ نفس هداها: بالقسر والجبر، ولكن لم يشأ سبحانه وقضت حكمته أن يترك اختيار أمر الإيمان والعمل الصّالح بدون إكراه، وأعطى للعبد حرية الاختيار بين الإيمان والكفر والطّاعة والعصيان. فمن اختار الهداية وطريق الإيمان ثمّ طلب منه المعونة والزّيادة في الإيمان والهدى، زاده إيماناً وهدى، ومن اختار طريق الكفر والضّلال وابتعد عن ربه، تركه فيما تهواه نفسه وحذّره وأنذره على لسان رسله وكتبه.
{وَلَكِنْ}: للاستدراك والتّوكيد.
{حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّى}: ثبت ووقع وسبق ولن يتغير قضائي ووعدي، وقوله: مني تدل على خطورة وأهمية القول وهو: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}: اللام والنّون في (لأملأن) للتوكيد، و (أجمعين) للتوكيد أيضاً، لأملأن جهنم من:{الْجِنَّةِ}: مجموعة من الجن قد تكون قليلة أو كثيرة. {وَالنَّاسِ}: أي: الإنس مجموعة قليلة أو كثيرة.