{وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ}: ارجع إلى الآية (٥) من السّورة نفسها للبيان، وهي قوله تعالى:{وَالَّذِينَ سَعَوْ فِى آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِّجْزٍ أَلِيمٌ}، فالفرق بين الآيتين: سعوا: فعل ماض، سعوا وانتهى الأمر، وربما تابوا أو لم يُغفر لهم فلهم عذاب من رجز أليم، أما الذين يسعون بصيغة المضارع التي تدل على التجدد والتكرار والاستمرار أولئك في العذاب مُحضرون.
{فِى آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ}: أي: بذلوا قصارى جهدهم لصرف النّاس عن آيات ربهم (آيات القرآن) بالقول: لا تسمعوا لها والغو فيها، وبالتكذيب بها. معاجزين: جمع معاجز: من يحاول أن يعجز غيره، وأعجزه: جعله عاجزاً عن نيل مراده، وأفلت منه، فلم يقدر عليه؛ أي: يحاولون أن يعجزوا من يُبلغُها؛ أي: يجعلونه عاجزاً عن تبليغها والكفّ عنها.
{أُولَئِكَ}: اسم إشارة يفيد الذم.
{عَذَابٌ مِنْ رِّجْزٍ أَلِيمٌ}: عذاب أشد وأسوأ من العذاب الأليم، أمّا الآية (٣٨) يسعون: فعل مضارع يدل على تجدد وتكرار السعي في آياتنا معاجزين، كما شرحنا سابقاً. ارجع إلى سورة البقرة آية (٥٩) لبيان معنى الرجز والرجس والفرق بينهما.
{فِى الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ}: جمع محضر: اسم فاعل من: حضر يحضر؛ أي: حاضر ضد الغياب، أي يُحضر رغماً عن أنفه، تحضرهم الملائكة قسراً سواء رضوا أم لم يرضوا. وكلمة محضرون لا تأتي إلا في سياق العذاب في كل القرآن. ومحضرون: لا يغيبون عنه فقوله: محضرون؛ أي: مقيمون في هذا العذاب الأليم.