للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة العنكبوت [٢٩: ١٠]

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِىَ فِى اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِى صُدُورِ الْعَالَمِينَ}:

{وَمِنَ النَّاسِ}: الواو استئنافية، من: ابتدائية بعضية، النّاس: تشمل الإنس والجن، وكلمة النّاس مشتقة من كلمة: النّوس؛ أي: كثرة الحركة.

{مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ}: من اسم موصول بمعنى الّذي، يقول آمنا بالله: أي إيمان عقيدة ودين، وكلمة (يقول) ولم يقل قال: تدل على تجدد قوله وتكراره وهو: آمنت بالله، وهو كما سنرى إيمان بالقول واللسان فقط وليس إيماناً في القلب.

{فَإِذَا}: الفاء تدل على التّعقيب والمباشرة، إذا: ظرفية شرطية تدل على حتمية الحدوث.

{أُوذِىَ فِى اللَّهِ}: أصابه أذى من قول أو فعل بسبب إيمانه بالله من قِبَل الكفار والمشركين أو غيرهم.

{جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ}: صيّر فتنة النّاس؛ أي: العذاب أو الأذى الّذي يلحق به بسبب إيمانه، يصده عن الإيمان والثّبات عليه، الكاف: كاف التّشبيه؛ أي: خاف من عذاب النّاس، أو أعتقد أن فتنتهم مساوية لعذاب الله تعالى، ولذلك ارتدّ أو نافق وهو تقدير أو قياس خاطئ؛ لأنّ عذاب الله بسبب ارتداده أو نفاقه أشد وأبقى من عذاب النّاس مهما طال واشتدّ؛ لأن عذابه سيكون دائماً، وفتنة الناس أو عذابهم زائل غير دائم يزول بالموت، والمؤمن الصّادق يصبر ويثبت على ما أصابه في سبيل الله تعالى؛ لأنّ ما عند الله خير وأبقى.

وهذه الآية تشبه قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: ٢٢].

{وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ}: اللام في (لئن) للتوكيد، إن: شرطية تفيد الاحتمال أو الشك، جاء نصر من ربك: النّصر: الغلبة على العدو بالقتال والغنيمة، وأمّا الفتح الغلبة بدون قتال.

{لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ}: ليدعي بالوقوف إلى جانبكم وأيدكم على عدوكم أو أليس نحن إخوانكم في الدّين، أو لم نقف ضدكم فأعطونا نصيباً من الغنيمة.

{أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ}: الهمزة للاستفهام والتّقرير، والواو في (أوليس) للتوكيد، بأعلم: الباء للإلصاق، أعلم صيغة مبالغة من علم.

{بِمَا فِى صُدُورِ الْعَالَمِينَ}: الباء للإلصاق، ما: اسم موصول بمعنى الّذي، في صدور العالمين: من كذب ونفاق وكفر أو صدق وإخلاص، والجواب على أوليس؟ بلى.