للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الغاشية [٨٨: ١٧]

{أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}:

{أَفَلَا}: استفهام فيه حث على النّظر والتّأمل والتّفكير.

{يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}: الإبل: الجمل أو الناقة من الحيوانات الثديّة المجترّة التي تمتاز بضخامة حجمها، وطول عنقها، وارتفاع قامتها قد يصل إلى أكثر من مترين ووزنها حوالي (٤٥٠-٦٥٠كيلوغرام)، ولها أرجل طويلة قوية تساعدها على اتساع خطواتها، وترفع جسمها عن حرارة الرّمال وكلّ رجل تشبه الخف، وهو عبارة عن طبقة سميكة من الجلد مبطنة بالدّهن والألياف تساعدها على السّير بسهولة فوق الرّمال دون أن تغوص في الرّمال، كما تستطيع أن تسير فوق الصّخور والجبال بواسطة هذا الخف الذي تقل فيه الأعصاب الحسية، وأعينها وأنوفها المغطاة بأشعار كثيفة تحميها من دخول الرّمال والأتربة والغبار إلى أعينها وآذانها وأنوفها، وهي قادرة على إغلاق أعينها وآذانها وفتحتي الأنف في العواصف الرّملية، ورقبتها الطّويلة تساعدها على الوصول إلى النّباتات القصيرة وأوراق الأشجار العالية، وجسمها المغطى بجلد سميك مكسو بالوبر يحفظه من حرارة الشّمس، وسنام الجمل يعتبر مخزناً كبيراً للدهن الذي يحتاجه حين يقل غذاؤه وماؤه فهو قادر على تحمل الجوع والعطش لفترة طويلة قد تصل إلى عشرة أيّام في أيّام الحر الشّديد دون ماء، وربما أكثر قد تصل إلى أسبوعين أو أكثر، وحين يشرب يشرب كميات كبيرة من الماء ولا يتوقف عن الأكل حين يجد المرعى، وله القدرة على الاحتفاظ بماء جسمه عن طريق الكليتين وكمية البول القليلة وقلة عرقه فهو قلما يعرق حتّى في أشد درجات الحرارة، ولا يلهث ولا يتنفس من فمه، وله وسادتان دهنيتان فوق ركبتيه تحمي جسده حين يبرك على الرمل الحار أو البارد.

ويتغذى بالحشائش وأوراق الشّجر والشّوك والأعشاب الجافة ونباتات الصّحراء، ويتغذى بالشّوك والقدرة على ذلك بما أعطاه الله تعالى من أسنان قوية وفم وشفتين غليظتين قويتين السفلى مشقوقة تمكنه من جمع الأشواك ثمّ مضغها، وهو من الحيوانات المجترة القادرة على ترجيع بعض الطّعام الذي تناولته سابقاً من معدتها إلى فمها؛ لتمضغه جيداً مرة أخرى ويسهل هضمه.

فهذا الحيوان الأليف رغم حجمه الهائل وقدرته ينقاد للطفل الصغير أو الكبير حيث يشاء، والجمل قادر على حمل الأثقال الكبيرة ويسمى سفينة الصّحراء، وهناك من يشرب لبنها ويأكل من لحمها الذي فيه من الفيتامينات ما يزيد على ما في ألبان البقر والغنم (١٥ ضعفاً)، وقيل: له (٣) أمعاء حتى يهضم الطعام ولا يبقى للسموم أثر أو مسببات الأمراض، وقيل: إن في ألبانه وبوله كمية كبيرة من المضادات الحيوية الطبيعية لا نظير لها، وهي أكثر مقاومة للبكتريا ولا تسبب تشكل سلالات مقاومة، ويستفاد من وبرها وجلدها في صنع الملابس، ولا ننسى أنه يتأثر بصوت الحادي؛ أي: الرّاكب فوقه ويتأثر بالغناء فيسرع أو يبطئ، فسبحان الخالق البارئ المصور فهو آية كافية تدل على عظمة وقدرة الخالق.