للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الروم [٣٠: ٣٩]

{وَمَا آتَيْتُم مِنْ رِّبًا لِّيَرْبُوَا فِى أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ}:

{وَمَا}: الواو: استئنافية، ما: شرطية.

{آتَيْتُم مِنْ رِّبًا لِّيَرْبُوَا فِى أَمْوَالِ النَّاسِ}: آتيتم في لغة العصر تعني: توظيف الأموال أو استثمار الأموال الزائدة عن حوائجكم.

{مِنْ رِّبًا}: من لبيان الجنس؛ أي: من جنس الربا، والربا ربا النسيئة وربا الفضل. والربا في اللغة: الزيادة والنمو، واصطلاحاً: عند الفقهاء: إما ربا الجاهلية (ربا القرض): وهو الزيادة في الدين مقابل التأجيل سواء اشترطت عند حلول الأجل أو في بداية الأجل، و (إما ربا البيوع) وهو نوعان: الأول: ربا الفضل: وهو الزيادة في أحد البدلين الربويين المتفقين جنساً. الثاني: ربا النسيئة: وهو تأخير القبض في أحد البدلين الربويين المتفقين في علة الربا وليس أحدهما نقداً. وباختصار الربا: كل زيادة مشروطة مقدماً على رأس المال مقابل الأجل وحده.

{لِّيَرْبُوَا فِى أَمْوَالِ النَّاسِ}: تعني: توظفوا أموالكم أو تستثمرونها عند من تطمعون أن يردّها إليكم بأكثر منها؛ أي: بأكثر من رؤوس أموالكم؛ (أي من يتداولون بالربا) ربا النسيئة أو ربا الفضل.

{لِّيَرْبُوَا}: اللام لام التّعليل والتّوكيد.

{فِى أَمْوَالِ النَّاسِ}: في أموال النّاس؛ لأن أموال الّذين يتعاملون بالربا كالبنوك وشركات الأسهم هي من أموال النّاس وليست أموال فرد معين أو أموالهم؛ أي: ما تستودعونه أو تضعونه في البنوك أو شركات الأسهم وغيرها؛ ليزداد ويكثر في تلك الأموال الربوية.

{فَلَا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ}: أي لا يزكو ولا يبارك الله فيه ويضاعفه، وقد يربو عندك بالزيادة التي تأخذها من الفائدة أو الأرباح الكاذبة.

{وَمَا آتَيْتُم مِنْ زَكَاةٍ}: ما: شرطية كالسابقة، التكرار للتوكيد، آتيتم: أعطيتم أو أنفقتم، من: ابتدائية بعضية.

{تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ}: تبغون رضا وثواب الله، وبدون قصد الشهرة والسمعة أو الرياء.

{فَأُولَئِكَ}: الفاء: للتوكيد، أولئك: اسم إشارة يفيد البعد؛ أي: العلو والمدح.

{هُمُ}: للتوكيد.

{الْمُضْعِفُونَ}: جمع: مضعف، اسم فاعل من الفعل الرباعي: أضعف؛ أي: صار ذا ضعف؛ أي: المضعفون ثوابهم وأجرهم، أو ذوو الأضعاف الكثيرة من الحسنات، وكما قال تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِى الصَّدَقَاتِ} [البقرة: ٢٧٦] أو تعني: الّذين يخرجون أو يتصدقون بنسبة تفوق نسبة الزّكاة نسبة تصل إلى (٥% أو ١٠%) من أموالهم أو أكثر.

انتبه إلى كيفية كتابة الربا في هذه الآية، فهذه الآية هي الوحيدة أو المرة الواحدة فقط التي كتبت بهذا الشكل الربا، بينما في باقي الآيات كتبت بالشكل التالي الربوا، وتبين أن كتابة الربا بهذا الشكل تعني: أقل أنواع الربا، أما كتابة الربوا بهذا الشكل تعني: الربا الّذي فيه كثرة وزيادة، والله أعلم.

ملاحظة أخرى: يدخل في الربا أن يهدي الرجل للرجل شيئاً ويقصد أن يثيبه عليه أكثر من ذلك. هذا قول ابن عباس.

ملاحظة أخرى: الانتقال من صيغة المخاطب (وما آتيتم من زكاة)، (فأولئك) بصيغة الغائب: للفت الانتباه؛ أي: المضعفون ليسوا فقط هم الّذين يزكون أموالهم فهناك غيرهم المضعفون ممن يعملون الصالحات.