للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة التوبة [٩: ٢٤]

{قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِى سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِىَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}:

هذه الآية تتمة للآية السّابقة؛ نزلت في هؤلاء الّذين تخلفوا عن الهجرة بسبب أهليهم، وعيالهم، وأموالهم، وديارهم.

وقد قيل: إنّه لما نزلت الآية السّابقة قال بعض الصّحابة: يا رسول الله! إن نحن اعتزلنا من خالفنا في الدِّين؛ قطعنا آباءنا، وعشيرتنا، وذهبت تجارتنا، وخُربت ديارنا؛ فنزلت هذه الآية، كما رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .

{قُلْ}: لهم يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

{إِنْ}: شرطية.

{كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ}: عشيرتكم: جمعها عشائر، والعشيرة: تضم كل الأقارب، والعائلة.

{وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا}: أيْ: حصلتم عليها بجهد ومشقة، وتعب، وليست من المال الموروث؛ أيْ: من وراء تجارة، أو حرفة. اقترفتموها: من الاقتراف، أو القرف. ارجع إلى سورة الأنعام، آية (١١٣)؛ للبيان.

{وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا}: بوارها؛ لتركها وراءكم في مكة بعد الهجرة، وعدم رواجها، وخاصَّة إذا كانت له شراكة مع المشركين، أو غير المسلمين؛ فستضيع حصتهم.

{وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا}: مسرورين بها، أو فرحين بها.

{أَحَبَّ إِلَيْكُم مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}: من الهجرة، ومن محبة الله ورسوله، والامتثال لأوامرهما، وطاعتهما.

{فَتَرَبَّصُوا}: التّربص: هو الانتظار، ولو طال، والانتظار مع التّحفز؛ أي: الانتباه، والترقُّب لوقوع شيء بكم.

{حَتَّى يَأْتِىَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}: بقضائه، أو عقابه، وقيل: فتح مكة، وهذا وعيد لهؤلاء الّذين لا يريدون الهجرة.

{وَاللَّهُ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}: جمع فاسق: وهو الخارج عن طاعة الله، والدّين ـ باختياره طريق الفسق والضّلال ـ وابتعاده عن طريق الهدى؛ فالله لا يوفقه، ولا يرشده إذا كان الفاسق يريد أن يفسق؛ يتركه الله سبحانه لما يحب من الفسق، والعصيان. ارجع إلى الآية (٢٦) من سورة البقرة؛ لبيان الفسق، والفاسقين.