{النَّاسَ بِالْبِرِّ}: هو الخير، الواصل إلى الغير، مع القصد والنية، إلى ذلك، وضده العقوق؛ ويشمل: العمل الصالح، والطاعة، وكل ما يتقرب به إلى الله من أخلاق ومعاملات واعتقادات. وقيل: نزلت هذه الآية في بعض اليهود، الّذين كانوا يقولون لبعض أقاربهم من المسلمين في السر: اثبتوا على ما أنتم عليه، فإنه حق، وهم لا يقومون بذلك.
وقيل: البر؛ هنا، يعني: التمسك بالتوراة، فمنهم من كان يأمر أتباعه باتباع التّوراة، وهم أنفسهم لا يقومون بذلك. وقيل: هو الصدقة؛ كانوا يأمرون بها غيرهم، وهم لا يتصدقون.
النّاس: ارجع إلى الآية (٢١) من نفس السورة لمعرفة معنى النّاس.
{بِالْبِرِّ}: الباء؛ للإلصاق.
{وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ}: تنسون على وزن تفعون فيها مبالغة في النسيان.
تأمرون غيركم بالبر، ولا تأمرون أنفسكم، بالطاعة وتقديم الأعمال الصالحة، فهذا ليس منهج الدعاة، والقدوة الصالحة.
{وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ}: أي: التّوراة، {تَتْلُونَ}؛ فعل مضارع، يدل على تجدد وتكرار تلاوة التّوراة الّتي فيها نعت محمّد -صلى الله عليه وسلم-، والأحكام الربانية.
{أَفَلَا تَعْقِلُونَ}: الهمزة؛ استفهام إنكاري، توبيخ على النسيان، ألا؛ أداة تنبيه، وحضٍّ، وتحمل معنى الأمر، والفاء للتوكيد.
{تَعْقِلُونَ}: تتفكرون، وتعودوا إلى الصواب، والحق، وفيها؛ توبيخ شديد، لكونه ينفي العقل عنهم، والفهم عندما يأمرون النّاس بالبر، وينسون أنفسهم، والقيام به. تعقلون من عقل الشيء؛ أي: عرفه بدليله، ووصل إلى الحقيقة بعد الموازنة والاستنباط.