للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الفاتحة [١: ٧]

{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}:

{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}: أي: اهدنا صراط الذين عرفوا الحق وعملوا به من النّبيين والصّديقين والشّهداء والصّالحين الذّين أنعمت عليهم بالهداية والإيمان والاستقامة على الصّراط المستقيم حتّى وصلوا إلى الغاية والنّهاية، وهي رضوان الله عليهم {رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة: ١٠٠]، وأنعمت عليهم تشمل: الأولين والذين جاءوا من بعدهم؛ أي: صراط الذين أنعمت عليهم من الأولين والأخرين وأنعمت تحمل معنى كثرة: الذين أنعمت عليهم بمرور الزمن.

{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}: غير تفيد المغايرة ذاتاً وصفة. المغضوب عليهم: أهل المعصية من اليهود والمنافقين والمشركين والكافرين (كما قال الفخر الرازي).

ولم يقل: غير صراط المغضوب عليهم لكفرهم وإفسادهم في الأرض وصدهم عن سبيل الله كثيراً ومنهم اليهود وغيرهم.

والمغضوب عليهم: جاء باسم المفعول بدلاً من اسم الفاعل غاضب؛ أي: (الغاضب عليهم)، ليجعل الجملة اسمية تدل على ثبوت كفرهم ودوامه والواقع عليهم من غضب الله من كل الجهات من الله ومن الملائكة ومن النّاس أجمعين.

وغضب الله يعني: الطّرد والبعد عن رحمة الله ورضوانه.

{وَلَا الضَّالِّينَ}: الواو عاطفة، لا: لتوكيد النّفي وفصل كلاً من المغضوب عليهم عن الضّالين أهل الجهل وكالنّصارى وغيرهم الّذين زعموا أنّ المسيح ابن الله أو ثالث ثلاثة، والضّالين: جمع ضال وتعني عن طريق الهدى والصراط المستقيم والضّالين تشمل كل ضال في العقيدة والمنهج نتيجة فساد العلم والضّالين جملة اسمية تدل على الثّبوت واستمرار ضلالهم. ارجع إلى الآية (١٩٨) من نفس السورة لمزيد من البيان في معنى الضالين.

وقدَّم المغضوب عليهم على الضّالين لأن المغضوب عليهم جاءوا قبل الضالين ولكونهم أشد ضلالاً وجرماً وعقوبة؛ لأنّهم عرفوا الحق وعدلوا عنه، وأما الضالين جهلوا الحق ولم يعرفوه.