ومن: لابتداء الغاية واستغراقية تستغرق كلّ من في الأرض بشكل مفرد أو جمع.
لم يذكر أنّه يفتدي بأمّه ولا بأبيه، فكيف يفدي نفسه بأمّه وأبيه، والله سبحانه قال: وبالوالدين إحساناً، فهذا لا يجوز أو يصح، ولكن المجرم لو استطاع أن يقدِّم أباه وأمّه إلى النار بدلاً منه لفعل ذلك، ولكنه في سورة عبس الآية (٣٤-٣٥){يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ} الفرار من الأم والأب قد يحصل، أو يجوز بينما الفداء لا يجوز.
ولو قارنّا هاتين الآيتين من سورة المعارج، وهي قوله تعالى:{يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِى مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِى تُـئْوِيهِ وَمَنْ فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ}[٣٤-٣٥] من سورة عبس، وهي قوله تعالى:{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ}:
في حالة الفداء: يقدِّم أقرب النّاس إليه وهم أولاده أولاً.
وفي حالة الفرار: أخَّر من يفرُّ منهم وهم أولاده.
هذا التّرتيب الإلهي له دلالاته، ففي مقام الفرار يفرُّ الإنسان من الأباعد أوّلاً، ثمّ ينتهي بأقرب النّاس إليه فيكونون آخر من يفرُّ منهم وهم الأبناء بعكس الفداء؛ حيث يفتدي بأقرب النّاس؛ لأنّ شدة العذاب دعته للاهتمام بنفسه ونسي أقرب النّاس إليه.