هذا دليلٌ آخر على قدرة الله وعظمته في خلق الإنسان، والتدرج في منحه القوة والقدرة ثم نزعها منه فهو يخلق ما يشاء ويفعل ما يشاء ولا مدبِّر ولا مغيِّر لخلقه أو حكمه، وهذا دليلٌ آخر على قدرته على البعث والإحياء.
{اللَّهُ}: تقديم الفاعل يدل على الاهتمام والتعظيم والحصر.
{الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ}: من: ابتدائية؛ أي: ابتدأ خلقكم، ضَعف: بفتح الضاد، وهناك من يقرأها بضم الضاد مثل الفَقر والفُقر؛ أي ضعف الطفولة يحتاج إلى من يطعمه ويرعاه، وينظفه ويحمله، ويعلّمه ويمدّه بالحنان، وينفق عليه ويقف بجانبه.
جعل: صيَّر من بعد الطفولة قوّةً؛ أي: قوة الشباب والفتوة.
{ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً}: ثم: للترتيب والتراخي من بعد مرحلة الشباب مرحلة الشيب والهرم. ضعفاً: ضعف الكبر يسري أو يصيب كلَّ الأطراف وشيبه، والشيب هو بياض الشعر، ضعفاً يسري في كل الأعضاء؛ أي: يعيد الإنسان إلى الضعف كما بدأ.
{يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}: من ضعف وقوة، وشيبة وشيخوخة، وهلاك وموت. بحسب حكمته.
{وَهُوَ}: ضمير فصل يفيد التّوكيد.
{الْعَلِيمُ}: بخلقه وبتدبير خلقه، العليم بما يجري من تحوّل وتغيّر في الخلق، ويعلم بواطن الأمور وظواهرها.
{الْقَدِيرُ}: على ما يشاء لا يعجزه شيءٌ في الخلق والتصوير والإنشاء والإبداع، القادر على كل شيء، فلا يعجزه شيء في الأرض ولا في السّماء.