{كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ}: من الأمم الماضية، والقرون: جمع قرن، وهم أهل زمان واحد، أو الجيل الواحد المقترن بزمان واحد، والقرن (١٠٠ عام).
{أُولُو بَقِيَّةٍ}: ذوو إيمان، وصلاح، ورشد، وبصيرة، والبقية: ما يبقى من الشّيء بعد ذهاب أكثره، أولو بقية قلَّة قليلة من ذوي الإيمان، والصّلاح، والرّشد. ارجع إلى الآية (٨٦) في نفس السورة لمعرفة الفرق بين بقية (بالتاء المربوطة), وبقيت (بالتاء المفتوحة أو المبسوطة).
{يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِى الْأَرْضِ}: يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر. والفساد: يشمل الكفر، والشّرك، وإثارة الفتن، والقتل، والصّد عن سبيل الله، وغيره.
{مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ}: تعود على القرون من قبلكم؛ أيْ: قد أنجى الله سبحانه قليلاً منهم؛ لينهوا عن الفساد في الأرض، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويقيموا دين الله تعالى حتى تظهر أشراط الساعة.
{وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ}: وانشغل الّذين ظلموا؛ أي: الآمرون بالمنكر، والنّاهون عن المعروف بالشّهوات، ونعيم الدّنيا، والسّلطان، والجاه، والمعاصي، والمنكرات، واستمرّوا على ترفهم، وطغيانهم الّذي حقَّقوه بظلم الغير، ولم يستمعوا أو يلتفتوا إلى الأقلية الّذين ينهون عن الفساد، وآثروا الدّنيا على الآخرة، وكانوا مجرمين. ارجع إلى سورة الزخرف آية (٢٣) لبيان معنى الترف، والمترف.
{وَكَانُوا مُجْرِمِينَ}: كافرين مشركين، ومجرمين: مشتقة من جرم؛ وجرم الشّيء: أيْ: قطعه جرماً أذنب، وجنى جناية، وعدم اتباعهم منهج الله سبحانه، وكونهم كانوا يقطعون ما كان يجب أن يوصل.