للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة النحل [١٦: ٢]

{يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ}:

{يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ}: يُنزل الله -جل وعلا- الملائكة؛ أيْ: جبريل -عليه السلام- ، وسمِّي باسم الجمع؛ لعظم مقامه، وسمِّي بالرّوح الأمين.

{بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ}: بالروح: الباء: للإلصاق؛ والرّوح: يعني: الوحي، أو القرآن، وسمِّي روحاً؛ لأنّ فيه حياة القلوب؛ فالقرآن هو الرّوح الحقيقية للمؤمن، إضافة إلى روحه الّتي بين جنبيه، ويؤيد ذلك قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا} [الشّورى: ٥٢]، وبذلك نتبيَّن أنّ للمؤمن روحين، وليس روحاً واحدة.

{مِنْ أَمْرِهِ}: من: ابتدائية.

{أَمْرِهِ}: بأمر الله تعالى، وإرادته، وإذنه؛ أيْ: نزول الوحي، أو نزول الملائكة لا يكون إلا بأمر الله تعالى، وكما قال تعالى على لسان جبريل -عليه السلام- : {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مريم: ٦٤]، وكل ما ينزل من أمر الله فيه حياة للنفوس.

{عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}: على: تفيد العلو، والسّمو، والمشقة.

{مَنْ}: بعضية.

{مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}: يعني: الأنبياء، والرّسل.

{أَنْ أَنذِرُوا}: أن: مصدرية؛ تفيد: التّعليل، والتّوكيد.

{أَنذِرُوا}: من الإنذار: وهو الإعلام، والتّحذير، والتّخويف؛ أنذروا المشركين، والعاصين، وغيرهم من النّاس، أو النّاس كافة بالقرآن، وبالإرشاد، والدعوة.

{أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا}: أنّه: تفيد التّوكيد.

{لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا}: ارجع إلى الآية (٢٥٥) من سورة البقرة.

{فَاتَّقُونِ}: الفاء: للتوكيد؛ اتقون: من التّقوى؛ أيْ: أطيعوا أمري، وتجنبوا ما أنهاكم عنه، أو احذروا عقابي، وعبادة غيري، ثمّ ذكر سبحانه الأدلة على كمال قدرته، وعظمته، ووحدانيته، وأنّه الإله الواحد الّذي يستحق العبادة، وأنّه واجب الوجود.

ولم يرد في القرآن: فاتقوني (بياء المتكلم)؛ لأنّ التقوى: لا تكون إلا لله وحده، ولأنّه لا يستطيع أحد أن يتقي الله حق تقاته. تتقون وردت في (١٩) آية، يتقون في (١٨) آية.