{وَمَكَرُوا}: من المكر، وكلمة مكر: مأخوذة من الشجر الملتف أغصانه على بعضها البعض، فلا يستطيع الإنسان أن يعرف أي ورقة من أي فرع.
فالمكر هو: تدبير خفي؛ لإيقاع الضرر بالغير، ويحتاج إلى خبرة، وحنكة، وهو علامة على الضعف؛ لأن القوي لا يمكر، ولكن يواجه الأمر. ارجع إلى الآية (٤٦) من سورة إبراهيم؛ لمزيد من البيان.
والمكر غير الخداع، فالخداع: هو إظهار للشخص خلاف ما هو الحقيقة؛ كي يستر عنه وجه الصواب، أو الحقيقة؛ لجلب منفعة، أو دفع مضرة.
ومكروا: تعود على كفار بني إسرائيل الذين أحس عيسى منهم الكفر، ومكروا ليقتلوا عيسى -عليه السلام- .
{وَمَكَرَ اللَّهُ}: بأن رفع الله سبحانه عيسى إلى السماء، وألقى شبه عيسى على الذي مكر بعيسى، فأخذوا الذي ألقي عليه شبه عيسى؛ فقتلوه، وصلبوه، وظنوا أنهم قتلوا وصلبوا عيسى.
{وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}: سبحانه الغني عن أن يوصف بهذا الوصف؛ فالله سبحانه لا يمكر ولا يحتاج إلى المكر, وإنما ذكر ذلك عن طريق المشاكلة في بديع اللغة، والمكر من الله: هو المجازاة؛ أي: هو أحسن المجازين؛ أي: المحاسبين للماكرين، أو أحسن المدبرين لإنقاذ أوليائه، وإهلاك أعدائه.