هذه الآية من أشد الآيات على أهل العلم إذا تهاونوا في دِينهم، ولم ينكروا المنكر؛ ابتغاء عرض من الدنيا مثل: المال، والجاه، أو مالوا إلى الهوى، واشتروا الدنيا، وباعوا آخرتهم.
{وَلَوْ شِئْنَا}: شرطية.
{وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا}: أكرمناه، ورفعناه منزلة وقدراً، واللام في كلمة لرفعناه: للتوكيد، الباء: للتعليل.
{بِهَا}: أي: الآيات.
{وَلَكِنَّهُ}: حرف استدراك، وتوكيد.
{أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ}: مال إلى الدنيا، واختارها، ورغب فيها عن الآخرة، أو باع آخرته من أجل المال، والجاه، والشهوات.
{وَاتَّبَعَ هَوَاهُ}: الهوى: ارجع إلى الآية (١١٩)، من سورة الأنعام؛ للبيان.
فأصبح مثله كمثل الكلب: إن تحمل عليه؛ أيْ: تطرده؛ يلهث، أو تتركه مرتاحاً يلهث، واللهث: هو التنفس الشديد، السريع، مع إخراج اللسان.
ويلهث؛ لأن جسم الكلب لا توجد فيه غدد عرقية إلا في قدميه؛ فهو يلهث ليتخلص من العرق الذي تجمع في جسمه؛ كي ينظم حرارة جسمه، فمثل الذي يعرض عن الإيمان، ويحرص على دنياه؛ أيْ: يصبح جائعاً للدنيا؛ إن تعطه لا يشبع، وإن لم تعطه لا يشبع، يريد أكثر فأكثر، لا يهمه إلّا دنياه؛ إن حملت عليه كما تحمل على الكلب؛ أيْ: إن وعظته هو ضال، ومتبع هواه، وإن تركته، ولم تعظه ضال، وتمثيله بالكلب؛ يدل على خسة حاله، وذلة نفسه وهوانها؛ ذلك المثل الذي ضربناه لك للذي آتيناه آياتنا، فانسلخ منها، واتبع هواه، هو مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا في كل زمان، ومكان، وباعوا آخرتهم بدنياهم.
{فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ}: فاقصص: الفاء: للترتيب والمباشرة؛ أيْ: قص عليهم قصة الذي انسلخ عن آياتنا؛ لعلَّهم يحذرون، أو يتفكرون، ويرجعون إلى الحق.