سورة يونس [١٠: ٣٥]
{قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِى إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِى لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِى إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّى إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}:
{قُلْ}: اسألهم يا محمّد -صلى الله عليه وسلم-: هل: استفهام إنكاري.
{مِنْ شُرَكَائِكُمْ}: من هنا: استغراقية؛ تشمل كلّ الشّركاء: الملائكة، والإنس أمثال: عيسى، وعزير، والأصنام، والكواكب.
{مِنْ}: اسم موصول؛ بمعنى: الّذي.
{يَهْدِى إِلَى الْحَقِّ}: الحقّ: هو الأمر الثّابت الّذي لا يتغيَّر (ضد الباطل)، والحقّ هنا يعني: الصّراط المستقيم، وهو دين الله (الإسلام)، يهدي إلى الحقّ: التّعدِّي هنا بإلى؛ أيْ: من يستطيع أن يهدي إنساناً سائراً في طريق الضّلال، والباطل، يهديه للعودة والسّير على طريق الحقّ، أو هو خارج عن الصّراط المستقيم يستطيع أن يعيده للسير عليه.
{قُلِ اللَّهُ يَهْدِى لِلْحَقِّ}: إذا أجابوك، وقالوا: الله؛ فذلك المطلوب، إذا لم يجيبوك على سؤالك عندها قل لهم: الله سبحانه يهدي إلى الحق؛ أيْ: قادر على أن يهدي الضّال الخارج عن الحقّ، وعن الصّراط المستقيم إلى الحقّ، وإلى الصّراط المستقيم، وليس فقط ذلك، بل هو قادر على أن يهدي للحقّ؛ أيْ: يهدي الإنسان، ويوصله إلى غايته، ونهاية الغاية (خاتمة الهداية)، وقيل: هي الجنّة؛ فالهداية إلى الصّراط المستقيم تكون على ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: الهداية إلى الصّراط المستقيم: اهدنا إلى الصّراط المستقيم؛ أي: الإنسان خارج عن الحقّ، والصّراط المستقيم، وسائر في طريق الضّلال، والغي، ويدعو الله أن يهديه إلى الصّراط المستقيم.
المرحلة الثّانية: أي: اهدنا الصّراط المستقيم؛ أي: الإنسان سائر على الصّراط المستقيم الآن، ويطلب من الله أن يثبته على الصّراط المستقيم حتّى يصل إلى النّهاية والغاية.
المرحلة الثّالثة: الهداية للصّراط المستقيم: اهدنا للصراط المستقيم؛ أيْ: وصلوا إلى النهاية؛ نهاية الصّراط؛ أي: الغاية.
فالله يهدي إلى الحقّ، وكذلك يهدي للحقّ للوصول للغاية القصوى.
{أَفَمَنْ يَهْدِى إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّى إِلَّا أَنْ يُهْدَى}: أفمن: الهمزة: للاستفهام التّقريري، والإلزام، والتّوبيخ.
{يَهْدِى إِلَى الْحَقِّ}: سبق تفسيره.
{أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ}: فيما يأمر به، وينهى عنه، أو يُتبع منهجه، وما يدعو إليه.
{أَمَّنْ لَا يَهِدِّى}: كالأصنام، والأوثان، والآلهة.
{إِلَّا أَنْ يُهْدَى}: كلمة {لَا يَهِدِّى}: فيها تضعيف؛ يفيد المبالغة، والتّكثير؛ أصلها: لا تهتدي؛ فالأصنام، أو الأوثان الّتي هي حجارة لا تستطيع أن تهدي نفسها؛ لأنّها لا تفهم، ولا تعقل، فكيف تهدي غيرها ممن يعبدونها، وغيرها لا يستطيع أن يهديها، ولو أراد ذلك.
{فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}: أيْ: ماذا أصاب عقولكم؛ لتحكموا بهذا الحكم الباطل.
{فَمَا}: الفاء: استئنافية. ما: اسم استفهام للتوبيخ، والإنكار.
{لَكُمْ}: اللام: لام الاختصاص؛ أيْ: أنتم خاصَّة.
{كَيْفَ}: للاستفهام، والتّعجب من هذا الأمر العجيب، العاقل يطلب من غير العاقل أن يهديه، فهذا من منتهى الضلال.
{تَحْكُمُونَ}: فأيُّ حكم هذا، ساء ما تحكمون: وهو اتِّباع من لا يهدي، وترك عبادة من يهدي إلى الحقّ.