سبب النّزول: كما رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- : كان ثلاثة من المنافقين يسيرون إلى غزوة تبوك بين يدي النّبي اثنان كانا يستهزئان بالرّسول، وبالقرآن، والثّالث يضحك؛ فنزل جبريل فأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما كان هؤلاء الثّلاثة يستهزئون، ويضحكون؛ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمار بن ياسر: سلهم عما كانوا يستهزئون، ويضحكون منه، وقل لهم: أحرقكم الله؛ ففعل؛ فعلموا أن قرآناً نزل فيهم، فأقبلوا يعتذرون لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال أحدهم: ما تكلمت بشيء، ولكن ضحكت عجباً من قولهم؛ فنزلت الآية:{لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم}[الآية: ٦٦].
وقيل: هناك أسباب أخرى، ومهما كان السّبب؛ فالعبرة بعموم اللفظ، وليس بخصوص السّبب.
{كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ}: نخوض من الخوض والدّخول في الماء لمجرد اللعب؛ فالمنافقون يسمون الطّعن والاستهزاء بآيات الله ورسوله والمؤمنين مجرد تسلية ولعب، (واللعب هو اللهو الّذي يُشغل عن الطّاعات).
{قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ}: قل لهم يا محمّد -صلى الله عليه وسلم-: أبالله: الهمزة همزة استفهام إنكاري، والباء: للإلصاق.
{أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ}: أبالله: تستهزئون؛ كأن تقولوا: إنّ الله فقير ونحن أغنياء، عيسى ابن مريم، والعزير ابن الله، الملائكة بنات الله، يداه مقبوضتان، وآياته (آيات القرآن العظيم والمعجزات)، أو يعدنا بالنصر على الروم، وفتح قصور الشام وحصونها.