سورة إبراهيم [١٤: ٤٦]
{وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ}:
{وَقَدْ}: حرف تحقيق يفيد التّوكيد.
{مَكَرُوا مَكْرَهُمْ}: المكر: هو التّدبير الخفي الّذي يؤدي إلى ما لا يحتسبه الممكور به. ارجع إلى الآية (٣٣) من سورة الرّعد؛ للبيان.
وقد مكروا مكرهم في عدة مرات حين حاولوا النّيل من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وذُكر ذلك في سورة الأنفال، الآية (٣٠): {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.
{وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ}: عند: ظرف مكان، أو زمان، وعند تفيد أقصى نهايات القرب؛ أي: مكرهم، أو ما يفكروا به من المكر، أو يخطر على بالهم من المكر يعلمه الله، أو عند الله علمه وقد تعني مكتوب ومعلوم عند الله مكرهم قبل أن يفكروا به، أو يخطر على بالهم، هو يعلمه في سابق علمه الأزلي.
{وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ}: وإن: الواو: استئنافية.
وإن: لها عدة احتمالات:
إن: نافية تفيد التّحقير والتّصغير؛ بمعنى: ما كان مكرهم شديداً لتزول منه الجبال.
إن: أشد نفياً من: ما.
إن: قد تكون مخففة تفيد التّوكيد؛ أي: بالتّأكيد كان مكرهم شديداً قوياً يؤدي إلى زوال الجبال، ولكن الله أشد مكراً وأشد تنكيلاً.
إن: قد تكون شرطية، وتقديرها: فلو كان مكرهم قوياً يُزيل الجبال؛ فلن ينالوك بشيء.
{لِتَزُولَ مِنْهُ}: لتزول: اللام: للتأكيد. منه: الجبال؛ أي: تتحرك من مكانها، أو تتفتت، أو تخر.
الفرق بين المكر والكيد والغدر:
المكر: هو التّدبير الخفي؛ لإلحاق الضّرر بالغير، ولا يعلم ذلك الممكور به.
الكيد: أقوى من المكر: وهو إيقاع الضّرر بالغير قهراً، سواء أعلم به الخصم أم لم يعلم.
الغدر: هو نقض العهد الّذي كان يجب الوفاء به.