{فَتَنَّا}: من الفتنة، ارجع إلى الآية السّابقة (الفتنة أشد وأبلغ من الاختبار).
{الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}: من الأمم السّابقة فالفتنة سنَّة قديمة جارية على كلّ الأمم وبأنواع وأشكال مختلفة من الكوارث الجوية أو الجدب أو الفيضانات، أو المرض أو القتل. من قبلهم، ولم يقل قبلهم:(من) تفيد قرب الزّمن، و (قبلهم) لا يحدد قد يكون منذ زمن طويل أو بعيد أو زمن قريب.
{فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ}: الفاء للتوكيد، واللام والنّون لزيادة التّوكيد، فليعلمن الله: الله سبحانه يعلم منذ الأزل وقبل خلقهم من الّذين صدقوا ومن هم الكاذبون، وليس هو بحاجة لفتنتهم وإنما فتنتهم أو اختبارهم هو لإقامة الحُجة عليهم وليطّلعوا على نتيجة اختبارهم بأنفسهم؛ حتّى لا يدَّعوا يوم القيامة ويقولوا: ربنا لو فتنتنا لكنّا من الصابرين أو الصادقين أو من المجاهدين أو غيرها، فالله يفتنهم في الدّنيا ليريهم عاقبة أعمالهم في الدّنيا أو في الآخرة.
{الَّذِينَ صَدَقُوا}: أي هل صدقوا في إيمانهم أو ما وعدوا الله ورسله والنّاس أجمعين؟
{وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}: كذبهم في إيمانهم وغيره، وتكرار (وليعلمن) للتوكيد، وفصل كلاهما عن الآخر، أو ليعلمن الصّادق منهم من الكاذب.
والسّؤال: لماذا قال: الّذين صدقوا (جملة فعلية) والكاذبين (جملة اسمية)، ولم يقل الّذين صدقوا والّذين كذبوا؟
الّذين صدقوا: جملة فعلية في الماضي تعبّر عن قوم حديثي العهد بالإسلام، والّذين آمنوا برسول الله في بداية الإسلام، وكانوا كفاراً فهم لا زالوا سائرين في طريق الصّدق؛ ليصبحوا صادقي الإيمان في النّهاية وقد يستقيموا على الإيمان أو يرتدّوا، وأما الكاذبين: جملة اسمية تدل على الثّبوت؛ أي: الكذب عندهم ونزلت في كفار قريش فهم استمروا على كذبهم قبل الإسلام وبعد مجيئه.