نداء جديد من الله للذين آمنوا «والهاء لزيادة التّنبه» بأمر تكليفي جديد وهو الصّيام.
{كُتِبَ عَلَيْكُمُ}: فرض، وكتب فيها توكيد أشد من فرض، وكان فرضه في السّنة الثّانية من الهجرة، كتب عليكم؛ أي: شرع لكم أيها الّذين آمنوا، فهو لم يشرعه إلَّا لمن آمن، ولم يكتبه على الكافر، ولم يكتب على الكافر؛ أي: تكاليف؛ لأنّ التّكليف الإيمان لا يكلفه الله إلَّا لمن آمن، ولذلك قال: كُتب عليكم بالبناء للمجهول، ولم يقل: كتبت عليكم، وعليكم تفيد العلو والمشقة. ارجع إلى الآية (١٧٨) من نفس السورة للبيان.
شرعاً: هو التعبد لله سبحانه بالإمساك عن الأكل والشّرب والفرج من الفجر حتّى الغروب.
{الصِّيَامُ}: ولم يقل الصّوم؛ لأنّ الصّوم في القرآن؛ يعني: الصّوم عن الكلام «أي: الصّمت» كقوله: {إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا}«وهذا من خصائص دقائق لغة القرآن».
{كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}: كما: الكاف للتشبيه؛ أي: كما كتبنا عليكم حكم الصيام في وصفته لا في كيفيته وعدده، كتبنا على الّذين من قبلكم: إما من لدن آدم؛ أي: على الأمم السّابقة، وإما من قبلكم، تعني اليهود والنصارى.
وقوله:{مِنْ قَبْلِكُمْ}: لها معان كثيرة: أي: لكونها عبادة عظيمة فرضت على كلّ الأمم، أو فيها معنى التّرغيب، فالّذين من قبلكم صاموا، فأنتم أحق بالصّيام منهم، ونيل الثّواب، والأجر، وكذلك فيها معنى التّطمين؛ أي: لا تقولوا لن نقدر، أو نستطيع الصّيام، فمن جاء قبلكم فعلوا ذلك واستطاعوا.
{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}: {لَعَلَّكُمْ}: لعل للتعليل، لعلكم إن صمتم تصبحوا من بين المتقين الّذين يطيعون أوامر الله، ويجتنبون نواهيه، فبذلك تتقوا الله سبحانه «تتقوا غضبه وعقابه»، وتتقوا النّار.