للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة النحل [١٦: ١٠٦]

{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}:

{مَنْ}: شرطية للعاقل؛ تعني: المفرد، أو الجمع، أو المثنى.

{كَفَرَ بِاللَّهِ}: كفر: كفر إلحاد بوجود الله، ووحدانيته بعد أن دخل في الإسلام.

{بِاللَّهِ}: الباء: للإلصاق. ارجع إلى سورة البقرة آية (٦) للبيان.

{مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ}: من: تفيد المباشرة، مباشرة من بعد إيمانه وإسلامه.

{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}: إلا: أداة حصر، أو استثناء؛ أيْ: إلا من أكره على الكفر، وقلبه مطمئن بالإيمان.

{مَنْ}: اسم موصول؛ بمعنى: الّذي.

{أُكْرِهَ}: بأن أصبحت حياته في خطر مهدَّد بالقتل، أو العذاب، والفتنة، فأكره على التّلفظ بالكفر، أو كلمة الكفر؛ فقالها لفظاً، ولكن قلبه مطمئن بالإيمان.

{مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}: مليءٌ بالإيمان، واليقين بالله تعالى، ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.

سبب نزول الآية: قال ابن عبّاس -رضي الله عنهما- : نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر بعد أن قتل المشركون أباه ياسر، وأمّه سُمَيَّة، وهما أوّل قتيلين في الإسلام، ولما جاؤوا إلى عمار أعطاهم ما أرادوا بلسانه من أجل التّقية.

فمن أكره على الكفر، وقلبه مطمئن بالإيمان، فهو أمام خيارين:

الأوّل: أن يصمد ويصدع بالحق، وإذا قتل، أو مات مات شهيداً في سبيل الله.

والثّاني: أن يأخذ بالتّقية، ويستخدم الرّخصة على شرط أن يكون قلبه مطمئن بالإيمان، وأمّا إذا أكره على الكفر، وأُمر بأن يقتل أحداً؛ فلا يجوز فعل ذلك، والامتناع، والصّبر.

{وَلَكِنْ مَنْ}: لكن: حرف استدراك، وتوكيد.

{مَنْ}: شرطية، أو اسم موصول، وتعني العاقل، والمفرد، أو الجمع.

{شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا}: أيْ: نطق بكلمة الكفر، وهو راضٍ وغير مبالٍ بها، أو سعيد بها، أو طابت نفسه بها.

{فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ}: على: تعني: الجميع.

{غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ}: سبحانه في الدّنيا؛ الغضب: أشد من اللعن الّذي هو الطّرد من رحمة الله تعالى. غضب من الله: جملة اسمية تدل على ثبوت لعنة الله عليهم، ولا رحمة، ولا مغفرة لهم.

{وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}: اللام: لام الاختصاص، هم: للتوكيد.

{عَذَابٌ عَظِيمٌ}: في الآخرة، وهو أشد أنواع العذاب، والعظيم: هو العذاب الّذي يشمل الأليم، والشّديد، والمهين، والمقيم.