سورة العنكبوت [٢٩: ٤٧]
{وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ}:
{وَكَذَلِكَ}: أي مثل ما أنزلنا الكتب السّماوية السّابقة الزّبور والتّوراة والإنجيل أنزلنا إليك الكتاب؛ أي: القرآن.
{أَنزَلْنَا}: من أنزل؛ وتعني: جملة واحدة دفعة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السّماء الدّنيا، كما أنزلنا الكتب الأخرى التّوراة والإنجيل دفعة واحدة على موسى وعيسى، ولو قال نزّلنا، لكان يعني منجّماً على دفعات. ارجع إلى سورة البقرة آية (٤) لمعرفة الفرق بين أنزل ونزل.
{إِلَيْكَ}: وليس عليك، ارجع إلى الآية (٤) من سورة البقرة للبيان.
{الْكِتَابَ}: أي القرآن، ارجع إلى الآية (٢) من سورة البقرة لمزيد من البيان.
{فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ}: الذين: للجمع أمثال عبد الله بن سلام وغيره من أهل الكتاب الّذين آمنوا بالرّسول -صلى الله عليه وسلم-. ولم يقل: فالذين أوتوا الكتاب؛ لأن الذين آتيناهم الكتاب في القرآن تأتي في سياق التكريم والمدح مقارنة بالذين أوتوا الكتاب تأتي في سياق أو مقام الذم.
{يُؤْمِنُونَ بِهِ}: بالقرآن الكريم، يؤمنون تفيد التّكرار والتّجدد والاستمرار؛ يؤمنون بأنه منزل من الله عز وجل، ولا ريب فيه، وآخر الكتب المنزلة؛ يؤمنون بما جاء به من الحق، وتوحيد الله وربوبيته وأسمائه وصفاته، وبالتعاليم والآيات والأحكام إيماناً تاماً، ومصدقاً ومهيمناً على غيره من الكتب السماوية.
{وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ}: من: ابتدائية بعضية، وتأتي في سياق المفرد والمثنى والجمع؛ هؤلاء: الهاء للتنبيه، أولاء: اسم إشارة وتشير إلى أهل مكة، من: اسم موصول بمعنى الّذي، يؤمن به: بالقرآن الكريم أو الكتاب، يؤمن به الآن أو في المستقبل.
{وَمَا يَجْحَدُ}: ما النّافية، يجحد من الجحود: وهو إنكار الشّيء الظّاهر بقصد وتعمد، أمّا الإنكار: فهو يشمل إنكار الشّيء الخفيّ مثل إنكار النِّعم سواء رافقه علم أو بغير علم، ارجع إلى سورة الأعراف آية (٥١) لمزيد من البيان.
{بِآيَاتِنَا}: الباء للإلصاق، آياتنا: جمع آية: اسم علم مؤنث، والآية لغةً: هي العلامة والعبرة والمعجزة والدليل والأمر العجيب والجماعة والبرهان، ومنها الآيات القرآنية أو الكونية أو الدّالة على نبوة محمّد -صلى الله عليه وسلم- أو الرسل والأنبياء، وإضافة الآيات إليه سبحانه للتشريف، وتأتي بصيغة الآيات، آياته، آياتي، آياتنا.
{إِلَّا}: أداة حصر.
{الْكَافِرُونَ}: جمع كافر: وهو الّذي يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والكفر يعني جحود الوحدانية أو النّبوة أو الشّريعة، والكافرون تشير إلى أن صفة الكفر ثابتة وملازمة لهم، والكافرون تدل على الحدث؛ أي: الفعل وهو الكفر، ولم يقل الكفار التي تدل على صنف من الناس، وفيها مبالغة تشمل الكافرين والمشركين. ارجع إلى سورة البقرة آية (٦) لمزيد من البيان.