سورة ق [٥٠: ٢]
{بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَىْءٌ عَجِيبٌ}:
{بَلْ}: للإضراب الانتقالي، من القسم بالقرآن المجيد إلى العجب. أو بل إضراب إبطالي: لم يقبلوا (أبطلوا) كونك منذراً لهم، بل عجبوا.
{عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ}: عجبوا من عجب والعجب استعظام الشيء لخفاء سببه. والعجيب: الطريف.
أن: حرف مصدري يفيد التّعليل والتّوكيد.
جاءهم منذر منهم: من قريش أو من العرب هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، منذر: من الإنذار هو الإعلام والتّخويف والتّحذير، ينذرهم بالبعث والحساب والجزاء، ينذر المكذبين بدين الله والقرآن وبرسوله -صلى الله عليه وسلم-.
{فَقَالَ}: الفاء: قد تكون فاء السببية؛ أي: ما قبلها يصلح لأن يكون لما بعدها، وقد تدل على المباشرة والتعقيب.
{الْكَافِرُونَ}: كفار قريش.
{هَذَا}: الهاء للتنبيه، ذا اسم إشارة يفيد القرب. ويشير إلى مجيء المنذر منهم.
{شَىْءٌ عَجِيبٌ}: هذا شيء عجيب.
لنقارن هذه الآية (٢) من سورة ق، وهي قوله تعالى: {هَذَا شَىْءٌ عَجِيبٌ}، مع الآية (٧٢) من سورة هود، وهي قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَشَىْءٌ عَجِيبٌ}، مع الآية (٥) من سورة (ص)، وهي قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَشَىْءٌ عُجَابٌ}.
سورة (ق) قال: {شَىْءٌ عَجِيبٌ}، وفي هود قال: {لَشَىْءٌ عَجِيبٌ}، وفي (ص) قال: {لَشَىْءٌ عُجَابٌ}.
سورة هود قال: {إِنَّ هَذَا لَشَىْءٌ عَجِيبٌ}: أكد بإضافة إن واللام.
سورة (ص) قال: {إِنَّ هَذَا لَشَىْءٌ عُجَابٌ}: أكد بإضافة إن واللام، وبدل كلمة عجيب بعجاب.
السّبب: أنّ آية (ق) جاءت في سياق {أَنْ جَاءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ} فهذا أمر عجيب فلم يؤكد، أما في آية هود فجاءت في سياق الولادة، وهي عجوز وبعلها شيخ؛ فهذا أكثر عجباً من مجيء المنذر، فلذلك أكد بإن واللام: {أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِى شَيْخًا}، أما آية (ص) فجاءت في سياق الإشراك بالله والآلهة، وهذا منتهى العجب، وهي اتخاذ الأصنام آلهة، فقال: {إِنَّ هَذَا لَشَىْءٌ عُجَابٌ} فأكد بإن واللام، وأبدل كلمة عجيب بعجاب.