سورة غافر [٤٠: ٦٤]
{اللَّهُ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}:
هذا دليل آخر على قدرته وعظمته: أنّه هو المنعم الّذي يستحق العبودية.
{اللَّهُ}: اسم ذات يحمل في طياته كلّ صفات الكمال ويدل على الإله الحق واجب الوجود.
{الَّذِى}: اسم موصول يفيد الاختصاص؛ أي: وحده الّذي.
{جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا}: جعل (لكم) خاصة (واللام لام الاختصاص والملكية) والكاف للخطاب.
قراراً: ساكنة رغم حركتها التي تقدر بـ (٣٠كم/ ثانية)، ولا تعني: لا تتحرك كما تفسرها كثير من كتب التّفسير، هذه الأرض التي تتركب من سبع طبقات تشمل لبّ هذه الأرض كتلة صلبة ضخمة من الحديد والنّيكل، تصل نسبة الحديد إلى أكثر من (٩٠%) هذه الكتلة الصّلبة من الحديد هي الّتي تعين في جعل الأرض قراراً.
وكتلة الأرض تقدر بـ (٦) آلاف مليون مليون مليون طن رغم أنّها معلقة في الفضاء ولا ننسى الجبال (الرّواسي) والصّفائح تحت القارية كذلك التي تساعد على استقرار الأرض، فالأرض تدور حول نفسها مرة كلّ (٢٤) ساعة وتدور حول الشّمس مرة كلّ (٣٦٥) يوماً (سنة) سرعة دورانها حول الشّمس (٣٠) كم/ ثانية (١٩) ميل بالثّانية.
وسرعة دوران الأرض حول خط الاستواء (٤٦٠) متراً بالثّانية، ولماذا لا نشعر بدورانها؟ لأنّنا كلنا ندور بنفس السّرعة كما يحدث عندما نركب سيارة ونسير بسرعة (٦٠) كم داخل السّيارة نشعر بقرار وسكون رغم أن السّيارة متحركة بسرعة هائلة.
{وَالسَّمَاءَ بِنَاءً}: السّماء تعني السّموات السّبع: ومنها السّماء، السّماء الدّنيا المبنية من طبقات مثل: تروبوسفير، ستراتفير، ميزوسفير، ثرموسفير، اكسَّفير وكلها يطلق عليها اتمسفير..
سماوات سبع متماسكة كالبناء؛ لما فيها من قوى الجاذبية فهي سماوات يغلف الخارج منها الدّاخل مركزها الأرض.
{وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ}: في المنظر والشّكل واللون؛ أي: ميّز بعضكم على بعض بالصّورة أو السّمة بحيث لا يشبه الواحد الآخر بحسب الشّفرة الوراثية لكلّ فرد. ارجع إلى سورة آل عمران آية (٦) وسورة الأعراف آية (١١) للبيان..
{وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}: الطّيب هو ما كان طاهراً غير نجس ولا مستقذر تعافه النّفس، وكذلك حلالاً.
والحلال ما أذن به الله تعالى.
الطّيبات: تشمل المأكل والمشرب والملبس والمنكح، وغيرها.
{مِنَ}: بعضية.
{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ}: ارجع إلى الآية (٦٢) للبيان.
{فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}: الفاء للتوكيد، تعالى قدرةً وتعاظم وتنّزه وتقدّس عن شبه ما سواه، وعظم خيره وعمّت بركته على خلقه ودام وثبت إنعامه وإحسانه. ارجع إلى سورة الملك آية (١) لمزيد من البيان.