سورة هود [١١: ٩٣]
{وَيَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّى عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّى مَعَكُمْ رَقِيبٌ}:
{وَيَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ}: ثمّ يناديهم شعيب بعد أن رأى إصرارهم على الكفر، وعدم جدوى الموعظة لهم.
{اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ}: المكانة قد تعني المنزلة، أو تعني المكان مثل مقام ومقامه؛ فيكون معنى الآية: استمروا على حالكم من الشّرك، والكفر، والشّنآن لي، أو اعملوا ما في وسعكم، أو استطاعتكم من الشّرك والكفر.
{إِنِّى عَامِلٌ}: وأنا سأعمل جهدي، واستطاعتي على الإصلاح، والتّبليغ، والدّعوة إلى الله.
{سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ}: سوف للاستقبال البعيد، وفي الآية (٣٩) من نفس السورة قال تعالى: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}، والآية (٣٩) من سورة الزمر؛ ارجع إلى سورة الزمر آية (٣٩).
{تَعْلَمُونَ مَنْ}: مَنْ: اسم موصول، أو استفهامية.
{يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ}: أيْ: يُذله، ويفضحه؛ يذله في الدّنيا، ويأتي وقد يذهب، وليس بالضّرورة الحلول والبقاء، والحلول يعني: الاستمرار، والدّوام، والثّبات؛ لأنّه لم يقل: ويحل عليه عذاب مقيم؛ أيْ: مستمر الثّبوت والدّوام، فهذا يحدث في الآخرة. أما عذاب الدّنيا: فيه خزي، ذل، وإهانة، ويزول، وغير مقيم، ثمّ يأتي عذاب الآخرة بعد ذلك الّذي هو عذاب مقيم لا يزول، ولا يتغيَّر، أو ينقص.
{وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ}: أيْ: من هو على حقٍّ، ومن هو كاذب، أو على ضلال.
{وَارْتَقِبُوا}: انتظروا العاقبة، والمآل، والمصير لكم ولنا.
{إِنِّى مَعَكُمْ رَقِيبٌ}: الرّقيب: المراقب الّذي يرقب الآخر؛ لئلا يخفى عليه فعل من أفعال الّذي يراقبه.
لنقارن هذه الآية (٩٣) من سورة هود: {وَيَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّى عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
مع الآية (٣٩) من سورة الزّمر: {قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّى عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
للمقارنة ارجع إلى سورة الزّمر، الآية (٣٩).
ولنلاحظ: أنّه دائماً يأتي بذكر إحدى العاقبتين دون ذكر الثّانية، ويقال لهذا تعريض أبلغ من التّصريح؛ مثال: سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه، ولم يقل: ومن تكون له عاقبة الدّار (حذف ذلك).